السبت، 28 فبراير 2015

صولة العرفان وخرافة العلم الحضوري (الشيخ حيدر الوكيل)



من المسارات الفكرية والسلوكية التي ظهرت عند المسلمين هي الاتجاه العرفاني الصوفي , وقد اكتنفه جانبان , الاول منهما : تمثل بالغموض , فهؤلاء الناس يقولون ويفعلون ما لا يرتضيه الكثير من المسلمين فالفقهاء والمتكلمون يرون في " التصوف " حالة غير مقبولة اسلاميا فيما هي دعاوى لا تمتلك دليلا وسلوكا بلا مستند شرعي . والجانب الاخر : هالة التقديس التي احاط العرفاء والمتصوفة انفسهم بها فالزهو والمقامات المعرفية العالية هي ما تجعل الاخر يتوقف في امرهم احسانا للظن بهم او لدواعي اخرى ...
ومن هنا ظل العرفان ولقرون طويلة حبيس افراد ودعاوى غامضة , واليوم نحن نعيش في زمن " صولة العرفان " فالعرفاء ـ اليوم ـ لهم تمكن واستقواء , اظهروا مطالبهم وشرحوا مقاصدهم , وتبعهم من الناس من تبعهم , وتمظهرت مقولاتهم بمظاهر شتى , فاستفاد منها حداثويوا الشيعة من المعاصرين , فنجد ان تفسير " سروش " للوحي عرفاني بامتياز , ومن المستغرب اننا في زمن يدعون فيه الى التعقل متغافلين عن احترام الدين في عقائده وتشريعاته للعقل واستناده في اصل مشروعيته واثباته عليه , متغافلين ذلك وداعين الى " العقلنة " لكنهم في الوقت ذاته يركسون عقولهم في اكبر مصادرة للعقل عرفها تاريخ الاسلام والشيعة على وجه الخصوص ...
ان دعوى الكشف التي استند اليه سروش في تفسير الوحي هي دعوى لم يتم البحث فيها والتعرف على حقيقتها ومرجعها الى ماذا ؟ فهل هي فعل ممكن وحالة ممكنة الحدوث ام هي " قعقعة " و واجهة تقنع فراغا ؟
الكشف دعوى حصول علم حضوري عند المنكشف له ... ام ان الكشف امر آخر ؟
ان هذه الدعوى يظهر للباحث بوضوح تام زيفها بمعرفة حقيقة العلم الحضوري وانه وهم من اوهام الفلاسفة ساقته يد الخيال الى السهروردي في حالة من الذهول الاخرق , وأُعجب من أُعجب فادخلوه الى علمي الفلسفة والمنطق حتى صار يدرس في اوليات الدرس المنطقي في الحوزات العلمية , فياخذه الطالب اخذ المسلمات , ولما لم يكن في الحوزة من الاهتمام التحقيقي ما يطال المباحث المنطقية ظلت التشكيكات بالعلم الحضوري لا تتجاوز التاملات غير المتتبعة , وفي المقابل روج المروجون للفلسفة والعرفان بما لا تقاومه تلك التاملات ...
والحاصل ان التعرف على حقيقة العلم الحضوري وانه ما هو الا خرافة لا اصل لها يكشف الاستار عن حقيقة الكشف الذي استند اليه في تقومه به ..
ومن هنا فكل ما يتحدث به العارف والحداثوي من ان النبوة لون من الكشف وانها تجربة دينية وهي مفتوحة للجميع فهو لا يمتلك المستند العلمي فضلا عن الديني لاثباته .
ومن الغريب ان يتوقف " المفكرون " في قبول الادلة الكثيرة التي يقدمها الاسلام في اثبات معطياته , ثم ينساقون وراء مصادرة العقل والفكر بدعاوى الكشف !