الجمعة، 30 مايو 2014

مثال البحر والأمواج يناقض الثنائية بين الخالق والمخلوق (الشيخ حسين النجاتي)

السؤال:
لدي سؤال في العقيدة لا أعرف جوابه, يقول أستاذي والمربي الروحي:

إن العقيدة الصحيحة الكاملة هي: إنه لا شيء موجود سوى الحق تعالى, وإن كل ما هو موجود هو الحق تعالى, والتجلى هو تجليه, وقال إنه لا يمكننا أن نجد مثالا منطقيا على ذلك, وحتى التمثيل بالظل وذي الظل ناقص أيضا.

ولعل أقرب الأمثلة الموضحة هو مثال موج البحر, فالموج ليس خارجا مستقلا عن البحر بمعنى أن يكون هناك موج وهناك بحر, بل هناك موج البحر, وهذه الأمواج الحاصلة إنما هي البحر يتموج, ولكن عندما ننظر إلى الأمر بحسب إدراكنا نرى بحرا وأمواج البحر كأنه هناك بحر وموج, ولكن الموج معنى عارض للبحر وحقيقة الأمر أن ليس هناك سوى البحر, وموج البحر هو البحر, وكذلك حال العالم فهو كموج.

وبالطبع فهو مثال, والحال هو مثل ما قال القائل: (حثوا التراب على مفرقي وعلى مثالي) فالأمر لا مثال له.

ويتمثل بقول الشاعر:
البحــــــــر لا شك عندي في توحده
وإن تعـدد بالأمـــــواج والــــــــزبد
فلا يغرنك ما شاهــدت مــن صــور
فالواحد الرب ساوي العين في العدد

ويقول أيضا: وما البحر إلا الموج لا شيء غيره وان فرقته كثرة المتعدد.

فما نظركم في رأي أستاذي خصوصا أنني متحير في تصديقه؟

* * *
الجواب:
إن ما ذكر في السؤال يتنافى بظاهره مع ما هو من ثوابت العقيدة الإسلامية من وجود ثنائية بين الخالق والمخلوق, وأن الخالق غير المخلوق, وأن الرازق غير المرزوق, وأن العابد غير المعبود, وأن الحادث (وهو المخلوقات) غير الموجد, فالمخلوقات لم تكن موجودة فوجدت, بينما الخالق كان منذ الأزل موجودا لا أول له ولا آخر في الوجود.

فهذه حقائق دامغة توضح أن هناك ثنائية في الوجود, وأن حقيقة الخالق غير المخلوق, فكيف يمكن أن نقول بأن الفرق بين الخالق والمخلوق ليس إلا كموج البحر والبحر, حيث أن موج البحر ليس إلا تجليا من تجليات البحر, وإلا فهو في حقيقته ليس إلا البحر, ولكنه ظهر باسم وتجل جديد, فهل يمكن أن نقول بأن الموجود الحادث الذي لم يكن فكان ليس الإ تجليا للموجود الواجب الخالق الذي كان منذ الأزل, رغم الخلاف الجوهري بين حقيقية وجوديهما, من حيث مسبوقية أحدهما بالعدم وعدم مسبوقية الآخر به, ومن حيث كون أحدهما غنيا لا نقص فيه والآخر فقير بل عين الفقر, لا قوام له إلا بواجب الوجود, وأحدهما فان سيفنى والآخر باق إلى ما لا نهاية له, فهل يمكن أن يكون هذا الموجود الفقير بالنسبة إلى الخالق الغني كموج البحر بالنسبة إلى البحر؟!

والخلاصة: إن أحد الوجودين متناقض مع الوجود الآخر أو متضاد معه في خصوصياته وصفاته, فكيف يمكن أن يكون عينه أو تجليا من تجلياته؟!

نعم, لو أريد بما ذكر في السؤال من التوضيح والتشبيه ما لا يتنافى مع الثنائية التي شرحناها فلا بأس بذلك, لكنه بظاهره متناف ومتناقض معها, ولا مشاحة في التعابير والاصطلاحات.

ولمزيد وضوح الأمر نذكر هنا بعض النماذج من كلمات وأدعية أهل البيت (عليهم السلام) التي توضح تلك الثنائية وتؤكدها:

1- حديث الأمام الرضا (عليه السلام) الجامع لمعالم التوحيد ... والذي جاء فيه :

فقال له بنو هاشم: يا أبا الحسن, اصعد المنبر وانصب لنا علما نعبد الله عليه, فصعد (عليه السلام) المنبر, فقعد مليا لا يتكلم مطرقا, ثم انتفض انتفاضة, واستوى قائما, وحمد الله وأثنى عليه, وصلى على نبيه وأهل بيته.

ثم قال: (أول عبادة الله معرفته, وأصل معرفة الله توحيده, ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه, لشهادة العقول أن كل صفة وموصوف مخلوق, وشهادة كل مخلوق أن له خالقا ... بصنع الله يستدل عليه, وبالعقول يعتقد معرفته, وبالفطرة تثبت حجته ...

وابتداؤه إياهم دليلهم على أن لا ابتداء له, لعجز كل مبتدئ عن ابتداء غيره...

لا تصحبه الأوقات, ولا تضمنه الأماكن, ولا تأخذه السنات, ولا تحده الصفات, ولا تقيده الأدوات.

سبق الأوقات كونه, والعدم وجوده, والابتداء أزاله, بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له, وبتجهيزه الجواهر عرف أن لا جوهر له, وبمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضد له, وبمقارنته بين الأمور عرف أن لا قرين له, ضاد النور بالظلمة, والجلاية بالبهم, والجسو بالبلل, والصرد بالحرور, مؤلف بين متعادياتها, مفرق بين متدانياتها, دالة بتفريقها على مفرقها, وبتأليفها على مؤلفها, ذلك قوله عز وجل:

(ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون), ففرق بها بين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد, شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها, دالة بتفاوتها أن لا تفاوت لمفاوتها, مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها, حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبينها غيرها, له معنى الربوبية إذ لا مربوب, وحقيقة الإلهية إذ لا مألوه, ومعنى العالم ولا معلوم, ومعنى الخالق ولا مخلوق, وتأويل السمع ولا مسموع...)

فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه, وكل ما يمكن فيه يمتنع من صانعه, لا تجري عليه الحركة والسكون, وكيف يجري عليه ما هو أجراه, أو يعود إليه ما هو ابتدأه؟ إذا لتفاوتت ذاته, ولتجزأ كنهه, ولا متنع من الأزل معناه, ولما كان للبارئ معنى غير المبروء...).

فانظر وتأمل في هذه الفقرات النورانية كيف يوضح الإمام (ع) التناقض والتضاد بين صفات الله تعالى وصفات المخلوقين, وانظر إلى قوله (ع):

(فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه, وكل ما يمكن فيه يمتنع من صانعه), ومع التناقض أو التضاد بين الصفات كيف يمكن اعتبار أحد الضدين أو النقيضين ظهورا وتجليا لنقيضه وضده؟!

2 - الدعاء الوارد عن أهل البيت (عليهم السلام)
(.. أنت الرب وأنا العبد, وأنت المالك وأنا المملوك, وأنت العزيز وأنا الذليل, وأنت الغني وأنا الفقير, وأنت الحي وأنا الميت, وأنت الباقي وأنا الفاني, وأنت المحسن وأنا المسيء, وأنت الغفور وأنا المذنب, وأنت الرحيم وأنا الخاطئ, وأنت الخالق وأنا المخلوق, وأنت القوي وأنا الضعيف, وأنت المعطي وأنا السائل, وأنت الرازق وأنا المرزوق..)

وهاتان الفقرتان من الدعء أيضا تؤكدان ما دل عليه حديث الإمام الرضا (عليه السلام) المتقدم, إلى غير ذلك من الشواهد الكثيرة في الكتاب والسنة, هذا مضافا إلى أن البرهان والدليل العقلي أيضا يقضي بالاثنينية بين الخالق والمخلوق.

3 - الدعاء الوارد عن أهل البيت (عليهم السلام)

(اللهم أنت الواحد فلا ولد لك, وأنت الصمد فلا شبه ذلك, وأنت العزيز فلا يعزك شيء, وأنت الغني وأنا الفقير, وأنت المولى وأنا العبد, وأنت الغفور وأنا المذنب, وأنت الرحيم وأنا المخطئ, وأنت الخالق وأنا المخلوق, وأنت الحي وأنا الميت, أسألك برحمتك أن تغفر لي وترحمني وتجاوز عني, إنك على كل شىء قدير)
  مجلة الحكمة  (العدد 182)

الجمعة، 16 مايو 2014

"تاملات فی قاعدة « بسيط الحقيقة كلّ الأشياء وليس بشيء منها »" (الشيخ حسن الكاشاني)



هذه القاعدة تعد من مبتكرات صاحب الأسفار ، كما قال :
« وهذا مطلب شريف ، لم أجد في وجه الأرض من له علم بذلك ».
(الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ، ملاصدرا الشيرازي : 4 / 40.)
و علیها تبتنی نظریته فی وحدة الوجود.
و لنتامل معا في بعض زواياها
قال المولى المحقّق صدر الدين الشيرازي :
« البرهان قائم على أن كل بسيط الحقيقة كل الأشياء الوجودية ، إلاّ ما يتعلق بالنقائص والاعدام. والواجب تعالى بسيط الحقيقة واحد من جميع الوجوه ، فهو كل الوجود ، كما أن كلّه الوجود... فكلّ بسيط الحقيقة يجب أن يكون تمام كل شيء ، فواجب الوجود لكونه بسيط الحقيقة فهو تمام كلّ الأشياء على وجه أشرف والطف ، ولا يسلب عنه شئ الا النقائص والإمكانات والأعدام والملكات ، وإذ هو تمام كل شيء ، وتمام الشيء أحق بذلك الشيء من نفسه. فهو أحقّ من كل حقيقة بان يكون هو هي بعينها من نفس تلك الحقيقة بأن يصدق على نفسها. فاتقن ذلك وكن من الشاكرين... فكما انّ السواد الشديد يوجد فيه جميع الحدود الضعيفة السوادية التي مراتبها دون مرتبه ذلك الشديد على وجه أبسط ، وكذا المقدار العظيم يوجد فيه كل المقادير التي دونه من حيث حقيقة مقداريتها لا من حيث تعيّناتها العدمية من النهايات والأطراف... فهكذا حال أصل الوجود وقياس إحاطة الوجود الجمعي الواجبي الذي لا أتم منه ، بالوجودات المقيدة المحدودة بحدود يدخل فيها اعدام ونقائص خارجه عن حقيقة الوجود المطلق داخله في الوجود المقيّد ».
(الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ، ملاصدرا الشيرازي : 8 / 110 ـ 116)
                    
                              "بیان القاعدة"
أنّ واجب الوجود بسيط غاية البساطة ، ليس فيه أي حدّ وقيد
ولاتركيب ، فحتى التركيب الإعتباري الذي هو عبارة عن وجود الشيء وعدم غيره
منفي عنه ، وكلّ ما يكون كذلك فهو كلّ الإشياء لأنّه لو خلت منه شيء يكون ذاته
مركباً من وجوده وعدم ذلك الشيء ، فبسيط الحقيقة كلّ الأشياء. وهو في عين
كونه واجداً لجميع الأشياء إلاّ أنّه ليس بشيء منها بخصوصياتها وحدودها
ونقائصها ، فإنّه لو كان بسيط الحقيقة هو الشيء الخاصّ الذي له حدود متميّزة عن غيره لكان اللازم تركّبه من الوجود والعدم وهذا خلف كونه بسيط الحقيقة.
فيستنتج من ذلك أنّ بسيط الحقيقة متّحد مع وجود جميع الوجودات المقيّدة ،
دون ماهيّاتها التي هي قيودها ، فإنّ تلك القيود إنّما أتت من قِبَلِ الماهيّات ، وذلك
لعدم إقتضاء الكثرة في حقيقة الوجود ، وهذه الماهيّات هي التي سبّبت الكثرات
والمراتب في الوجود.
کما قال العلامّة الطباطبائي فی توضیح القاعدة:
« ملخّص البرهان ان كلّ هويّه صحّ أن يسلب عنها شئ ، فهي متحصّلة من
ايجاب وسلب ، وكلّ ما كان كذلك فهي مركبه من ايجاب ـ هو ثبوت نفسها
لها ـ وسلب ـ هو نفى غيرها عنها ـ ينتج : انّ كلّ هويّه يسلب عنها شيء ،
فهي مركبة ، وينعكس بعكس النقيض إلى أنّ كلّ ذات بسيطه الحقيقة فإنّها
لا يسلب عنها شيء ، وان شئت فقل بسيط الحقيقة كلّ الأشياء. »
(تعلقيته على الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ، السيد محمد حسين الطباطبائي : 8 / 110)
"وفي هذه القاعدة عدّة تدافعات وتناقضات" :
1- القول باتّحاد الوجود الإطلاقي مع الوجود المقيّد. فانّه كيف يمكن أن
يكون الوجود الإطلاقي ـ أي الوجود من دون قيد عدمي ـ متّحداً مع الوجود
المقيّد بالقيد العدمي ، فإنّه من اجتماع القيد واللاقيد ، كما هو مقتضى قوله «بسيط الحقيقة كلّ الأشياء ».
فبسيط الحقيقة هو الوجود المطلق الذي لاقيد فيه ، وكلّ الأشياء هي
الوجودات المقيّدة ، فكيف يحكم باتحادهما ؟ فإنّ لازمه أن يكون الوجود مطلقاً
في الواقع في عين كونه مقيّداً في الواقع. إلا أن يلتزم القائل بأنّ التقيّد لاواقع له ،
فليس هناك مقيّد واقعاً ، وإنما يراه الأحول مقيداً ، وهذا أيضاً مناقض لأصل
القاعدة حيث فرض فيها أشياء كثيرة ثمّ حكم باتحادها مع بسيط الحقيقة ، فهو
خلف للفرض.
بعبارة أخرى : هل فُرِض للأشياء المتكثّرة ـالتي هي الوجودات المقيّدة ـ
واقعيّة أم لا ؟
فإن كانت لها واقعيّة ، أي : كان في الواقع وجودات مقيّدة متميّزة بعضها عن
بعض ، فكيف يمكن أن تكون تلك المقيّدات ـ في عين كونها مقيّدة ـ متحدة مع
الوجو د المطلق الذي لاقيد فيه ؟
والقول بوحدة الوجود الإطلاقي مع وجود الوجودات المقيّدة دون قيودها
ممنوع ؛ إذ كيف يمكن التفكيك بين المقيّد والقيد ؟ فإنّ المفروض أنّ المقيّد في
ظرف إتّحاده مع الوجود المطلق باقٍ على تقيّده ، ومعه كيف يفرض وحدته مع
المطلق. انّما وحدة المطلق مع المقيّد يكون في صورة محو قيود المقيّد ، وحينئذٍ
لايبقى مقيّد كي يحكم باتحاده مع المطلق.
وبالجملة ؛ فإنّه قد قسّم الوجود إلى المطلق والمقيّد ، ثمّ حكم باتحادهما ،
وهذا هو الجمع بين المتناقضين ، كما أنّ السواد ينقسم إلى الشديد والضعيف ،
ولايمكن أن يكونا متحدين في آن واحد ، فإنّ السواد الضعيف مع الحفاظ على
قيده ـ أي : مع كونه ضعيفاً واقعاً ـ كيف يمكن أن يتّحد مع السواد الشديد ؟
وكذلك المقدار العظيم لايوجد فيه المقادير الصغيرة ، إذا فُرِضَ للصغر واقعيّة
وحقيقة ، أي : الصغير مع الحفاظ على تقيّده بالصغر ، لن يتّحد مع العظيم مع
الحفاظ على عدم تقيّده بالصغر.
وإن لم يكن للوجودات المقيّدة واقعيّة ـ أى : انمحت جميع القيود فلم يكن
ثمّة مقيّد ، كما أنّ الموج إذا رجع الى البحر ينمحي تعيّنه وقيده الخاص الذي بها
كان متميّزاً عن غيره ـ فهو مخالف لفرض وجود الأشياء الكثيرة ، كما هو المصرّح
به في متن القاعدة ، فإنّ وجود المتكثّرات مع انتفاء القيود محال ، مع أنّه لايكون
حينئذ شيئان حتى يحكم باتحادهما.

وكأنّ العلامّة الطباطبائي رحمه اللّه قد تفطّن إلى هذا الإشكال فأراد أن يدفعه ، فقال : « فإن قيل : لازم ما تقدّم من البيان صحة الحمل بينه تعالى وبين كل
موجود وكمال وجودي ، ولازمه عينية الواجب والممكن ـ تعالى اللّه
عن ذلك ـ وهو خلاف الضرورة.
قلنا :كلاّ ؛ ولو حمل الوجودات الممكنة عليه تعالى حملاً شائعاً ، صدقت عليه تعالى بكلتا جهتي إيجابها وسلبها ، وحيثيتي كمالها ونقصها اللتين تركّبت ذواتها منها ، فكانت ذات الواجب مركّبة ، وقد فرضت بسيطة الحقيقة ، وهذا خلف. بل وجدانه تعالى بحقيقته البسيطة كمال كلّ موجود ، وجدانه له بنحو أعلى وأشرف ، من قبيل وجدان العلّة كمال المعلول ، مع ما بينهما من المباينة الموجبة ، لإمتناع الحمل. وهذا هو المراد بقولهم : « بسيط الحقيقة كل الأشياء » ، والحمل حمل الحقيقة والرقيقة ، دون الحمل الشائع. وقد تبيّن بما تقدم أن الواجب لذاته تمام
كل شيء ».
(نهاية الحكمة ، السيد محمد حسين الطباطبائي : 337)
بيّن أنّ حمل الأشياء على بسيط الحقيقة ليس إلا بجهاتها الإيجابيّة ، دون جهاتها السلبيّة التي هي حدودها وعدم ماسواها ، وليس الحمل حمل الشايع الذي يتّحد فيه المحمول والموضوع في المصداق ، وعليه فلا يتّحد الواجب مع الممكن. فإنّ الواجب ليس فيه قيد ولاحدّ ، بينما الممكن ـمع فرض إمكانه ـ مقيّد ومحدود. فالواجب واجد لكمال المعلول لالنقصه ، كما أنّ العلّة واجدة لكمال المعلول ، مع أنّها تغايره ، بشهادة إمتناع حمل المعلول على العلّة.
"لكنّ الإجابة غير مجدية"
فإنّ المعلول ـ كما صرّح ـ مغاير لعلّته ولايمكن حمل أحدهما على الآخر لا بالحمل الأولي الذاتي ولا الشايع الصناعي ، فلا يقال : العلّة معلول ، بينما في قاعدة بسيط الحقيقة قد حمل الأشياء على بسيط الحقيقة ، كما هو مقتضى قولهم : « بسيط الحقيقة كلّ الأشياء ».
وذلك انّ المعلول إن فُرِضَ مقيّداً بالصدور عن العلّة ومتولّداً عنها ، فلايعقل أن
تكون العلّة واجدة له لا لكماله ولا لنقصه ، ولا اتحادها معه ، لأنّه ينافي فرض
التقيّد بالصدور والتولّد. فبعد صدور الحرارة من النار كيف يعقل أن تكون ـ هذه
الحرارة الصادرة مع فرض الصدور ـ باقية في النار ، وكانت النار واجدةً لها ؟ نعم
توجد في النار حينئذً حرارة ، لكنّها حرارة أخرى غير التي صدرت عنها سابقاً.
نعم مع فرض عدم صدور المعلول وعدم تقيّده تكون العلّة واجدة له ومتحدة
معه ، لكنّه حينئذ لايتميّز عن غيره ولايسمّى بالمعلول حتى يحكم بوجدان العلّة
لكماله واتحادها معه. وبالجملة المعلول مقيّد والعلّة غير مقيّدة ، وفرض
اتحادهما ـ مع بقاء المقيّد على قيد الصدور وعدم فنائه في العلّة ـ يكون من الجمع
بين القيد واللاقيد.
2- القول بأنّ الماهية أمر اعتباري وعدمي ، مع القول بأنّها هي علّة الكثرات
والتقيّدات. فإنّ التكثّر أمر وجودي وكيف يكون الأمر العدمي ـ أي : الماهيّة ـ علّة
للأمر الوجودي ـ أي : التكثّر ـ وقد صرّح في القاعدة بوجود الكثرات وأنّ للتكثّر
واقعيّة ، فهل الأمر العدمي صار علة للأمر الوجودي ؟
3- انّ بسيط الحقيقة بسيط غاية البساطة ـ كما يصرّح ـ أي ليس فيه أي
تركيب واقعي ولا اعتباري ، وليس فيه اقتضاء للتكثّر والتعدّد أبداً. فإنّه مع هذه
البساطة الذاتيّة ومع فقدان أي إقتضاء للتركيب ، كيف تقهره على هذا الاقتضاء
ماهية اعتباريّة فتكثّره وتعدّده ؟
فإنّ لازم ذلك أن تكون الماهية أقوى وأشدّ من الوجود ، حيث غلبت على اقتضاء ذات الوجود فكثّره وجعله متعدداً بعد أن كان واحداً ، فصارت هي الغالب
على إقتضاء ذات الوجود.
فكيف يتلاءم هذا مع القول بأصالة الوجود واعتبارية الماهيّة ؟
هل الأمر الإعتباري يمكنه أن يغلب على إقتضاء ذات الأمر الأصيل ؟
4- إنّ الماهيّة كما عرّفوها ليس شيئاً غير هذه الحدود والتكثّرات ، فالماهية
اذاً نفس هذه الحدود ، فكيف تكون علّة لإيجاد الحدود والتكثّرات ، فإنّه مناقض
لفرض الإثنينيّة والتعدد بين العلّة والمعلول.
ترى ؛ هل الشيء يمكن أن يكون علّة لإيجاد نفسه واحداثها ؟
5- تقسيم الكلّي إلى المتواطي والمشكك ، ومن ثمّ القول بالتشكيك في
الوجود بحسب المراتب شدّة وضعفاً. والحال أنّ المقسم لهما هو الكلّي الطبيعي ،
والكلّي الطبيعي ليس غير الماهيّة التي هي أمر اعتباري وعدمي عند صاحب
الحكمة المتعالية القائل بأصالة الوجود ، فكيف يكون الأمر الاعتباري مَقْسَماً
للأصيل وهو الوجود ؟
وهذا التناقض إنّما نشأ من إبتناء معالم مدرسة أصالة الوجود على المنطق
الأرسطي ، فان ذلك المنطق كان قائماً على أصالة الماهية ، ولاتستقيم كثير من
مباحثه إلا على ذلك المبنى. لكنّ القائلين بأصالة الوجود واعتباريّة الماهية غفلوا
عن ذلك وأسّسوا فلسفتهم على أساس ذلك المنطق ، فسبّب ذلك الوقوع في كثير
من التناقضات ، ونظائرها كثيرة لايسع المقام ذكرها.
6- القول بأنّ المرتبة الشديدة من مراتب الوجود هو واجب الوجود
والمرتبة الضعيفة هو ممكن الوجود ، فإنّ هذا القول كيف يتلاءم مع القول بانه
لاحدّ ولاقيد في حقيقة الوجود الجمعي. فهذه المرتبة المسمّاة بالواجب أليس
فوقها مرتبة أقوى منها حتى صارت هي نهاية مراتب الوجود من حيث الشدّة فلا أشدّ ولا أقوى منها. فتعيين مرتبة من مراتب الوجود وتسميتها بواجب الوجود
ينافي إطلاق الوجود وعدم الحدّ فيه ، اذ ما من مرتبة إلاّ وفوقها مرتبة أخرى ، فأي
مرتبة منه هي المسمّاة بالواجب ؟

(مقتبس من کتاب "جدلية الدين والفلسفة" بقلم حسن الكاشاني ج 1 ص 239 )

الثلاثاء، 13 مايو 2014

في ارادته سبحانه وتعالى (الشيخ ماجد الكاظمي)




في ارادته سبحانه وتعالی
    و تجد في هذه الروايات النص على نفي کون الإرادة الالهية من صفات الذات بل هي من صفات الافعال.
  الإمام الصادقعليه السلام :
هو أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة ومعالجة، لأن ذلك صفة المخلوق الذي لا يجيء الأشياء له إلا
 بالمباشرة والمعالجة، وهو تعالى نافذ الإرادة والمشيّة فعال لما يشاء.[1]
الإمام الكاظم عليه السلام:
لا يكون شيء في السماوات والأرض إلا بسبعة بقضاء وقدر وإرادة ومشيئة وكتاب وأجل وإذن. فمن قال غير هذا فقد كذب على اللّه‏، أو رد على اللّه‏ عز وجل.[2]
... يونس بن عبد الرحمن عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت: لا يكون إلا ما شاء اللّه‏ وأراد وقضى؟ فقال: لا يكون إلا ما شاء اللّه‏ وأراد وقدر وقضى. قال: قلت: فما معنى شاء؟ قال: ابتداء الفعل. قلت: فما معنى أراد؟ قال: الثبوت عليه. قلت: فما معنى قدر؟ قال: تقدير الشيء من طوله وعرضه. قلت: فما معنى قضى؟ قال: إذا قضاه أمضاه، فذلك الذي لا مرد له.[3]
 ...قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: إن... زعم أن اللّه‏ تعالى جسم ليس كمثله شيء، عالم سميع بصير، قادر متكلم ناطق، والكلام والقدرة والعلم يجري مجرى واحد ليس شيء منها مخلوقا، فقال: قاتله اللّه‏، أما علم أن الجسم محدود والكلام غير المتكلم؟
الإمام الرضا عليه السلام:
الحمد للّه‏ فاطر الأشياء أنشاء ومبتدعها إبتداء بقدرته وحكمته، لا من شيء فيبطل الإختراع، ولا لعلة فلا
يصح الإبتداع خلق ما شاء كيف شاء، متوحدا بذلك لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيته.[4]
الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
... الذي صدرت الأمور عن مشيته.[5]
الإمام الكاظم عليه السلام:
... أنشأ ما شاء حين شاء بمشيته وقدرته.[6]
الإمام الرضا عليه السلام:
... المشيّة محدثة.[7]
المشيئة والإرادة من صفات الأفعال، فمن زعم أن اللّه‏ تعالى لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد. [8]
الإمام الرضا عليه السلام:
... إن المريد غير الإرادة، وإن المريد قبل الإرادة، وإن الفاعل قبل المفعول وهذا يبطل قولكم: إن الإرادة والمريد شيء واحد...[9]
قال الإمام الصادق عليه السلام:
خلق اللّه‏ المشية بنفسها، ثم خلق الأشياء بالمشية.[10]
قلت للرضا عليه السلام: خلق اللّه‏ الأشياء بالقدرة أم بغير القدرة؟! فقال:
لا يجوز أن يكون خلق الأشياء بالقدرة، لأنك إذا قلت: خلق الأشياء بالقدرة فكأنك قد جعلت القدرة شيئا غيره، وجعلتها آلة له بها خلق الأشياء وهذا شرك، وإذا قلت: خلق الأشياء بقدرة فإنما تصفه أنه جعلها باقتدار عليها وقدرة، ولكن ليس هو بضعيف ولا عاجز ولا محتاج إلى غيره، بل هو سبحانه قادر لذاته لا بالقدرة.[11]
عن أبي عبداللّه‏ عليه السلام ، قال: "قلت: لم يزل اللّه‏ مريدا؟ قال: إن المريد لا يكون إلا المراد معه، لم يزل اللّه‏ عالما قادرا ثم أراد[12].
    الجعفري قال: قال الرضا عليه السلام: المشية من صفات الأفعال فمن زعم أن اللّه‏ لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد. [13]
     وعن العالم (ع) في حديث «فبعلمه كانت المشية»[14]
قلت لأبي عبد اللّه‏ عليه السلام: علم اللّه‏ ومشيته هما مختلفان أم متفقان؟ فقال: العلم ليس هو المشية، ألا ترى أنك تقول: سأفعل كذا إن شاء اللّه‏، ولا تقول: سأفعل كذا إن علم اللّه‏، فقولك: إن شاء اللّه‏ دليل على أنه لم يشأ، فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء، وعلم اللّه‏ سابق للمشية.[15]
قلت لأبي الحسن عليه السلام: أخبرني عن الإرادة من اللّه‏ عزّ وجلّ ومن الخلق، فقال: الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل، وأما من اللّه‏ عزّ وجلّ فإرادته إحداثه لا غير ذلك، لأنه لا يروّي ولا يهمّ ولا يتفكر، وهذه الصفات منفية عنه، وهي من صفات الخلق فإرادة اللّه‏ هي الفعل لا غير ذلك، يقول له: "كن" فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر، ولا كيف لذلك كما أنه بلا كيف.[16]
الإمام الكاظم عليه السلام:
... وكل شيء سواه مخلوق وإنما تكون الأشياء بإرادته ومشيته من غير كلام ولا تردد في نفس ولا نطق ببيان...[17]
الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
... يقول لما أراد كونه: "كن" فيكون، لا بصوت يقرع، ولا نداء يسمع،
 وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله، لم يكن من قبل ذلك كائنا، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا...[18]
الإمام الرضا عليه السلام:
... وإنما أمره كلمح البصر أو هو أقرب إذا شاء شيئا فإنما يقول له: "كن" فيكون بمشيته وإرادته..
الإمام الرضا عليه السلام:
... و"كن" منه صنع وما يكون به المصنوع...[19]
الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
.. يقول ولا يلفظ... يريد ولا يضمر...[20]
الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :
ولا يتغير بحال، ولا يتبدل بالأحوال، ولا تبليه الليالي والأيام ولا يغيره الضياء والظلام، ولا يوصف بشيء من الأجزاء ولا بالجوارح والأعضاء، ولا بعرض من الأعراض، ولا بالغيرية والأبعاض...
ولا أن الأشياء تحويه فتقله أو تهويه، ولا أن الأشياء تحمله فيميله ويعدله، ليس في الأشياء بوالج، ولا عنها بخارج،... يقول لما أراد كونه: كن، فيكون...[21]
كتبت إلى الطيب ـ يعني أبا الحسن موسىعليه السلام ما الذي لا تجزي معرفة الخالق بدونه فكتب: ليس كمثله شيء ولم يزل سميعا وعليما وبصيرا وهو الفعال لما يريد.[22]


[1] . التوحيد، 247
[2] . الخصال، 2 / 359؛ بحار الأنوار، 5 / 88؛ الكافي، 1 / 150
[3] . المحاسن، 1 / 244، بحار الأنوار، 5 / 122
[4] . بحار الأنوار، 4 / 267
[5] . بحار الأنوار، 4 / 276
[6] . بحار الأنوار، 4 / 298
[7] . الصدوق: التوحيد، 336
[8] . الصدوق: التوحيد، 338
[9] . بحار الأنوار، 10 / 332
[10] . الكليني "قدس سره": الكافي، 1 / 110
[11] . الصدوق: التوحيد، 130
[12] . بحار الأنوار: عن التوحيد، 4 / 144
[13] الكافي ج 1 ص 150 التوحيد، للصدوق باب 55
[14] الكافي ج 1 ص115
[15] . بحار الأنوار: عن التوحيد، 4 / 144
[16] . بحار الأنوار: 4 / 137
[17] . بحار الأنوار، 3 / 295
[18] . بحار الأنوار، 4 / 255
[19] . الصدوق: التوحيد، 436
[20] . بحار الأنوار، 4 / 255
[21] . بحار الأنوار، 4 / 254 ـ 255، عن الاحتجاج
[22] . التوحيد، 284

الجمعة، 2 مايو 2014

في إبطال حجية الكشف بما يستفاد من الآيات والأخبار ((السيد قاسم علي أحمدي ))

 في إبطال حجية الكشف
بما يستفاد من الآيات والأخبار
((حجة الاسلام و المسلمين السيد قاسم علي احمدي))



لا يخفى أنّ ترائي الشيطان في صور مختلفة هو نصّ الكتاب الكريم والأخبار الكثيرة الدّالة على ظهورهم وترائيهم لأولياء الضلال .
فمن الكتاب الكريم قوله سبحانه وتعالى : « هل أنبّئكم على من تنزّل الشياطين ، تنزّل على كلّ أفّاك أثيم ، يلقون السمع وأكثرهم كاذبون » .
أي تنزّل الشياطين على كلّ كذّاب فاجر كثير الإثم .
قال الطبرسى: يلقون السمع معناه أنّ الشياطين يلقون ما يسمعونه إلى الكهنة والكذّابين ، ويخلطون به كثيراً من الأكاذيب ويوحونه إليهم .
وفي تفسير الصافي : أي الأفّاكون يلقون السمع إلى الشياطين فيتلقون منهم ظنوناً وأمارات لنقصان علمهم ، فيضمون إليها ـ على حسب تخيّلاتهم ـ أشياءا لا يطابق أكثرها(تفسير الصافى 4 / 55).
وقوله سبحانه وتعالى : « وكذلك جعلنا لكلّ نبيّ عدوّاً شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربّك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ، ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ماهم مقترفون » (الأنعام : 112 ـ 113) .
وقوله عزّ وجلّ حكاية عن إبليس : « لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين»(الأعراف : 17) .
إلى غير ذلك من الآيات .
ولا يخفى أنّ رؤساء الصوفية هم أظهر مصاديق هذه الآيات ، ومن لاحظ كلمات ابن العربي ـ كدعواه رؤية النبى وتجلّي الحق فيه وإسرائه إلى السّماء وتلقّيه الأحكام من المعدن الّذي يأخذ منه الملك الّذي يوحى به إلى الرّسل ، وادّعائه أنّه خاتم الولاية ، واستهزائه بآيات اللّه‏ وتأويله لها على المعاني الباطلة ، وتصحيحه لعبادة مَن دون اللّه‏ من الأصنام والأوثان إلى غير ذلك من الأباطيل ـ عرف أنّه ونظراءه من أظهر مصاديق تلك الآيات .
وأمّا الاخبار ؛ فروي عن أميرالمؤمنين أنّه قال : « اتّخذوا الشيطان لأمرهم ملاكا واتّخذهم له أشراكا فباض وفرّخ في صدورهم ودبّ ودرج في حجورهم فنظر بأعينهم ونطق بألسنتهم فركب بهم الزّلل وزيّن لهم الخطل فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه ونطق بالباطل على لسانه ..» .
وعن مولانا على بن الحسين عليهماالسلام قال: «..إلهي جعلت لي عدوّا يدخل قلبي ويحلّ محلّ‏الرّأي والفكرة منّي وأين الفرار إذا لم يكن منك عون عليه ..» .
أقول : لا شك في أنّ الأئمّة معصومون من السهو والخطأ والنسيان ومن جميع الرذائل والفواحش ومحفوظون من شرّ الشيطان ووسوسته من أوّل عمرهم إلى آخره ، فالمقصود من هذه العبارة غيرهم .
وروى الكشي عن سعد عن أحمد بن محمّد عن أبيه وابن يزيد والحسين بن سعيد جميعاً عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبدالحميد عن حفص بن عمرو النخعي قال : كنت جالساً عند أبي عبداللّه‏ فقال له رجل : جعلت فداك إنّ أبا منصور حدّثني أنّه رفع إلى ربّه وتمسّح على رأسه وقال له بالفارسية : يا پسر! (يعني يا ولد)
فقال له أبو عبد اللّه‏ : «حدّثني أبي عن جدّي أنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏ عليه‏و‏آله وسلم قال : إنّ إبليس اتّخذ عرشاً فيما بين السماء والارض ، واتخذ زبانية كعدد الملائكة ، فاذا دعا رجلاً فأجابه ووطئ عقبه وتخطت إليه الأقدام ، ترائى له إبليس ورفع إليه ، وإنّ أبا منصور كان رسول إبليس ، لعن اللّه‏ أبا منصور ، لعن اللّه‏ أبا منصور» ثلاثاً .
أقول : أنظر إلى هذه الرواية الصحيحة حتّى تظهر لك حقيقة هذه المكاشفات وتعلم أنّهم ـ أي ابن عربي وأمثاله ـ عرجوا إلى الشيطان ومعراجه .. ومعه يحشرون .
وروى الكشي مسنداً عن زرارة ، قال : قال أبو عبد اللّه‏ : «أخبرني عن حمزة ، أيزعم أنّ أبي آتيه» ؟ قلت : نعم . قال : «كذب واللّه‏ ما يأتيه إلاّ المتكوّن ، إنّ إبليس سلّط شيطاناً يقال له : المتكوّن ، يأتي النّاس في أيّ صورة شاء ، إن شاء في صورة صغيرة وإن شاء في صورة كبيرة ، ولا واللّه‏ ما يستطيع أن يجيء في صورة أبي » .

 وروى الكشي بإسناده عن أبي عبد اللّه‏ قال : قال : « تراءى ـ واللّه‏ ـ إبليس لأبي الخطاب على سور المدينة أو المسجد فكانّي أنظر إليه وهو يقول له : إيها تظفر الآن ، إيها تظفر الآن . . » .
قال العلامة المجلسي : الظاهر أنّ إبليس إنّما قال له ذلك عند ما أتى العسكر لقتله ، فحرّضه على القتال ليكون أدعى لقتله ، فالمعنى : اسكت ولا تتكلم بكلمة توبة واستكانة ؛ فإنّك تظفر عليهم الآن . . ! ويحتمل الرضا والتصديق أيضاً .
وروى الكشي أيضا : عن محمّد بن قولويه عن سعد عن محمّد بن عثمان عن يونس عن عبد اللّه‏ بن سنان عن ابيه عن أبي جعفر أنه قال : « إنّ عبد اللّه‏ بن سبا كان يدّعي النبوّة ويزعم أنّ أمير المؤمنين هو اللّه‏ ـ تعالى عن ذلك ـ فبلغ ذلك أمير المؤمنين فدعاه وسأله ، فأقرّ بذلك وقال : نعم أنت هو . . وقد كان ألقي في روعي أنّك أنت اللّه‏ وأنّي نبيّ .
فقال له أمير المؤمنين : «ويلك ! قد سخر منك الشيطان، فارجع عن هذا، ثكلتك امّك وتب ..» فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيّام ، فلم يتب فأحرقه بالنّار وقال : «إنّ الشيطان استهواه فكان يأتيه ويلقي في روعه ذلك » .
وروى الكشي قدس‏سره في رجاله مسنداً عن مولانا الصادق أنّه قال : «سمعت أبي يقول : إنّ شيطاناً يقال له : المذهب ، يأتي في كلّ صورة إلاّ أنّه لا يأتي في صورة نبيّ ولا وصيّ نبىّ ، ولا أحسبه إلاّ وقد ترائى لصاحبكم فاحذروه» .
وروى الكشي بسند صحيح عن محمّد بن عيسى ، قال : كتب إلىّ أبو الحسن العسكري ابتداءا منه : «لعن اللّه‏ القاسم اليقطيني ، ولعن اللّه‏ علىّ بن حسكة القمّي ، إنّ شيطاناً تراءى للقاسم فيوحي إليه زخرف القول غروراً» .
وعن مولانا الإمام الباقر ـ في حديث طويل جاء فيه ـ : « إنّه ليس من يوم ولا ليلة إلاّ وجميع الجنّ والشياطين تزور أئمّة الضّلالة ، ويزور أئمّة الهدى عددهم من الملائكة حتّى إذا أتت ليلة القدر فيهبط فيها من الملائكة إلى وليّ الأمر ، خلق اللّه‏ ـ أو قال : ـ قيّض اللّه‏ عزّوجلّ من الشياطين بعددهم ، ثمّ زاروا وليّ الضلالة فأتوه بالإفك والكذب حتّى لعلّه يصبح فيقول : رأيت كذا وكذا . . فلو سأل ولىّ الأمر عن ذلك لقال : رأيت شيطاناً أخبرك بكذا وكذا . . حتى يفسّر لها تفسيرها ، ويعلّمه الضلالة الّتي هو عليها . . »
وروى الكشي قدس‏سره بإسناده عن يونس قال : سمعت رجلاً من الطيّارة يحدّث أبا الحسن الرضا عن يونس بن ظبيان أنّه قال : كنت في بعض اللّيالي وأنا في الطواف ، فإذا نداء من فوق رأسي : يا يونس ! إنّي أنا اللّه‏ لا إله إلاّ أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري فرفعت رأسي فاذا ج .
فغضب أبو الحسن غضباً لم يملك نفسه ، ثمّ قال للرجل : «اخرج عنّي ، لعنك اللّه‏ ولعن اللّه‏ من حدّثك ، ولعن يونس بن ظبيان ألف لعنة يتبعها ألف لعنة كلّ لعنة منها تبلغك إلى قعر جهنّم ، وأشهد ما ناداه إلاّ شيطان ، أما إنّ يونس مع أبي الخطاب في أشدّ العذاب مقرونان ..» .
وفي الاحتجاج عن الإمام الصادق أنّه قال : «إنّ الكهانة كانت في الجاهلية في كل حين فترة من الرسل ، كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه في ما يشتبه عليهم من الأمور بينهم فيخبرهم عن أشياء تحدث وذلك من وجوه شتّى : فراسة العين ، وذكاء القلب ، ووسوسة النفس ، وفتنة الروح مع قذف في قلبه ؛ لأنّ ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم الشيطان ويؤدّيه إلى الكاهن ويخبره بما يحدث في المنازل والأطراف ، وأمّا أخبار السماء فإنّ الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السّمع إذ ذاك وهي لا تحجب ولا ترجم بالنجوم ، وانّما منعت من استراق السّمع لئلاّ يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء فيلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن اللّه‏ لإثبات الحجة ونفي الشبه ، وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من اللّه‏ في خلقه فيختطفها ثمّ يهبطها إلى الأرض فيقذفها إلى الكاهن ، فإذا قد زاد كلمات من عنده فيخلط الحق بالباطل ، فما أصاب الكاهن من خبر ممّا كان يخبر به فهو ما أدّاه إليه شيطانه لما سمعه وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه ، فمنذ منعت الشياطين عن استراق السّمع انقطت الكهانة ، واليوم إنّما تؤدّي الشياطين إلى كهانها أخباراً للناس بما يتحدثون به وما يحدّثونه والشياطين تؤدّي إلى الشياطين ما يحدث في البعد من الحوادث من سارق سرق .. ومن قاتل قتل .. ومن غائب غاب .. وهم بمنزلة النّاس أيضاً صدوق وكذوب»
أقول: قال العلامة المحدث النوري:إنّ ما ينكشف للطوائف المذكورة ويخبرون به عن الغيب هو بعض الأمور الجزئية والحوادث اليومية مع التخلف في أغلب مواردها ، بل ومع انقطاع جملة منها بعد ولادة خاتم الأنبياء صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم ثمّ ذكر رحمه‏الله هذا الحديث الشريف .
وعن ابن عبّاس أنه قال : لما فرغ علىّ من قتال أهل البصرة ، وضع قتباً على قتب ثمّ صعد عليه فخطب فحمد اللّه‏ وأثنى عليه ، فقال : «يا أهل البصرة، يا أهل المؤتفكة ! ..» إلى أن قال : ثمّ نزل يمشي ـ بعد فراغه من خطبته ـ فمشينا معه فمرّ بالحسن البصري وهو يتوضأ فقال: «يا حسن ، أسبغ الوضوء ! » فقال : يا أمير المؤمنين ! لقد قتلت بالأمس أناسا يشهدون أن لا إله إلاّ اللّه‏ وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، يصلّون الخمس ويسبغون الوضوء ، فقال له أميرالمؤمنين : « فقد كان ما رأيت . . فما منعك أن تعين علينا عدوّنا ؟ » فقال : واللّه‏ لاُصدقنّك يا أمير المؤمنين ! لقد خرجت في أوّل يوم فاغتسلت وتحنّطت وصببت عليّ سلاحي ، وأنا لا أشكّ في أنّ التخلّف عن أمّ المؤمنين عائشة هو الكفر ، فلمّا انتهيت إلى موضع من الخريبة ناداني مناد : يا حسن ! إلى أين ؟ ارجع ، فإنّ القاتل والمقتول في النّار ، فرجعت ذعراً وجلست في بيتي ، فلمّا كان في اليوم الثاني لم أشك أنّ التخلف عن أم المؤمنين عائشة هو الكفر ، فتحنّطت وصببتُ عليّ سلاحي وخرجت أريد القتال حتّى انتهيت إلى موضع من الخريبة فناداني مناد من خلفى : يا حسن ! إلى أين ؟ ارجع ، فإنّ القاتل والمقتول في النار ، فرجعت ذعراً وجلست في بيتي ، فلمّا كان في اليوم الثاني لم أشك أنّ التخلّف عن أمّ المؤمنين عائشة هو الكفر ، فتحنّطت وصببت عليّ سلاحي وخرجت أريد القتال حتّى انتهيت إلى موضع من الخريبة فناداني مناد من خلفي : يا حسن ! إلى أين مرة بعد أخرى ؟ فإنّ القاتل والمقتول في النار . . قال علىّ : «صدّقك ! أفتدري من ذلك المنادي ؟» قال : لا . قال : «ذاك أخوك إبليس ، وصدّقك أنّ القاتل والمقتول منهم في النار».
فقال الحسن البصري : ألآن عرفت يا أمير المؤمنين أنّ القوم هلكى .
أقول: يفهم من هذا الحديث أنّ الشياطين ربما ينادون أوليائهم ويخاطبونهم من غير أن يظهروا لهم .
ويدلّ على ذلك أيضاً ما في الصحيح عن أمير المؤمنين في قصّة أصحاب الرّس ـ بعد ما ذكر أنّه كانت لهم إثنتي عشرة قرية ، وفى كلّ منها صنوبرة يعبدونها ـ قال : «.. وقد جعلوا في كلّ شهر من السّنة في كلّ قرية عيداً يجتمع إليه أهلها ، فيضربون على الشجرة الّتي بها كلّة من حرير فيها من أنواع الصّور ، ثمّ يأتون بشاة وبقر فيذبحونها قرباناً للشجرة ، ويشعلون فيها النيران بالحطب، فإذا سطع دخان تلك الذّبايح وقتارها في الهواء وحال بينهم وبين النّظر إلى السماء خرّوا للشجرة سجّدا من دون اللّه‏ عزّوجلّ ، يبكون ويتضرّعون إليها أن ترضى عنهم ، فكان الشيطان يجيء ويحرّك أغصانها ويصيح ـ من ساقها صياح الصّبي ـ : إنّى قد رضيت عنكم عبادي ، فطيبوا نفساً وقرّوا عيناً ، فيرفعون رؤوسهم عند ذلك .. إلى أن قال: حتّى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليها صغيرهم وكبيرهم ، فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقاً من ديباج عليه أنواع الصّور ، وجعلوا له إثني عشر باباً كلّ باب لأهل قرية منهم ، فيسجدون للصّنوبرة خارجاً من السّرادق ويقرّبون لها الذبايح أصناف ما قرّبوا للشجرة الّتي في قراهم ، فيجيء إبليس عند ذلك فيحرّك الصّنوبرة تحريكاً شديداً ، ويتكلّم من جوفها كلاماً جهوريّاً ، ويعدهم ويمنّيهم بأكثر ممّا وعدتهم ومنّتهم الشياطين في تلك الشجرات الأخر للبقاء ، فيرفعون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط مالا يفيقون ولا يتكلّمون ..»
أقول : هذا الحديث الصحيح يوضح ويبيّن حال مشايخ الصوفيّة ومكاشفاتهم .
ثمّ إنّ تمثّل الشيطان بكلّ صورة وشكل ـ غير صورة الأنبياء والأوصياء ـ في اليقظة والمنام من الواضحات في أحاديثنا ، والكتاب العظيم أيضاً شاهد عليه .
وقد جاء إبليس في صورة سراقة بن مالك عند كفار مكة في غزوة بدر ، فقال لهم : إنّي جار لكم ، ادفعوا إلىّ رايتكم . . . فلمّا تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال : إنّي بريء منكم ، إنّي أرى ما لا ترون .
وقد تمثّل إبليس في صورة حبر من أحبار اليهود لمرحب ـ في غزوة خيبر حين هرب ولم يقف ، خوفاً ممّا حذرته منه ظئره وذاك عند ما سمع من أمير المؤمنين على يرتجز ويقول : « أنا الّذي سمتني أمّي حيدرة » ـ فقال : إلى أين يا مرحب . . ؟
وفي قصة المرأة الأنصارية الّتي زنت مع الراعي . . . واعترض لها إبليس لعنه اللّه‏ فقال : أنت حامل ، قالت : ممّن ؟ قال : من الراعي . . فصاحت : وافضيحتاه ! فقال : لا تخافي ! إذا رجعت إلى الوفد قولي لهم : إنّي سمعت قراءة المقدسيّ فقربت منه ، فلمّا غلب عليّ النوم دنا مني وواقعني ولم أتمكّن من الدفاع عن نفسي بعد القراءة ..
وقد روي في ما حدث في السقيفة من قصّة أوّل من بايع الخليفة الأوّل ، عن سلمان رضى‏الله‏عنه أنّه قال : رأيت شيخاً كبيراً يتوكأعلى عصاه بين عينيه سجّادة شديد التشمير ، صعد المنبر أوّل من صعد وخرّ وهو يبكي ويقول : الحمد للّه‏ الّذي لم يمتني حتى رأيتك في هذا المكان ، ابسط يدك ، فبسط يده فبايعه ، ثمّ قال : يوم كيوم آدم ! ثمّ نزل فخرج من المسجد .
فقال على : «يا سلمان ! أتدري من هو» ؟
قلت : لا ؟ . . . قال× : «ذلك إبليس لعنه اللّه‏» .
وقد حكي عن رجل أنّ أباه كان يخبر بأخبار البلاد المتباعدة وما يقع بها ، ويرسل كتابات يصل من مثل الشّام إلى مكّة في أوقات يسيرة يعلم ذلك من تاريخها ، وكان النّاس يتعجّبون من ذلك ونحوه ، فلمّا توفّي الأب أخبر الولد أنّ بعد وفات أبيه جاء شخص بصورة عبد أسود طويل فقال له : أنا كنت خادما لأبيك في حياته ، فإن أردت أن أكون لك كما كنت لأبيك فعليك أن تقوم بشرط كان بيني وبينه ، وهو أنّي شرطت عليه أن يسجد لي دون اللّه‏ ! فقبل وفعل ، فامتنع الولد من ذلك فانصرف ولم يره بعده .
وقد نقل المحقق التنكابني عن عمّه الآخوند ملاّ عبدالمطلب حكاية الدرويش المعروف بطيّ الأرض ، وكان شرط تعليمه إنكار إمامة عليّ بن موسى الرضا× ، وترك الصلوة .
ثمّ ذكر حديثاً من كتاب زينة المجالس في قصة الإمام مع المرتاض الهندي وكيفية إسلامه، فراجع إن شئت.
أقول : إنّ التأمّل في ما ورد عن الأئمة المعصومين في التوحيد وشؤونه وما يتعلق به من معرفته سبحانه وصفاته و . . تغنينا عن مقالة المنحرفين وسفسطة المتشدّقين بعناوين أمثال : الحكيم الإلهي ، والحكماء المتألّهون ، والعرفاء الشامخون ، وأهل اللّه‏ وأمثال ذلك ؛ إذ هذا النوع من التبجيل والتكريم لا يختصّ بهؤلاء ، بل ذلك دعوى كلّ مبطل ، إذ إنّ كلّ منحرف يهتمّ بأمثال هذه العناوين كيما يروّج باطله ، ولا يسعه أن يسقي سمّه إلاّ وأن يخلطه بعسل الولاية وكلمات المعصومين كي ينطلي ذلك على البسطاء وأبناء الحقيقة ، فإنّك بعد ما سمعت من الأحاديث عن الّذين زكّاهم اللّه‏ واصطفاهم وجعلهم ولاة أمره والمستودعين لسرّه ومعادن علمه وحكمته : « إنّ إبليس اتّخذ عرشاً فيما بين السماء والأرض واتّخذ زبانية كعدد الملائكة » و « يرفع إليه بعض أوليائه » و« يأتي الرجل في كلّ صورة شاء إلاّ ما استثني » و« يأتيه ويلقي في روعه : انّك أنت اللّه‏ » و« يوحي إليه ويأتيه زخرف القول والإفك » و« قد ينادي أولياءه وأتباعه ويخاطبهم من غير أن يظهر لهم : إنّي أنا اللّه‏ لا إله إلاّ أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري » و« قد ينادي بأمر باطل آخر ، ويؤدّي إليهم ما يحدث من الحوادث والوقايع » و« قد كانت الشياطين تدخل أجواف بعض الأشياء ، وتخبر أهلها من كلّ ما يسألون » وهو أعظم ممّا يدّعيه هؤلاء الصوفية ، فلا أظنّ أنّك تشكّ في بطلان هذه المكاشفات من ابن عربي وغيره من الّذين ادّعوا أنّ الأشياء جميعاً مجالي الحق ومظاهره ، بل هي عين الحق وأنّ عبدة الأوثان والأصنام وكذلك العابدون للشمس والقمر والكواكب والشجر والحجر والنار والعجل كلّهم جميعاً عابدون للّه‏ تعالى .
والحاصل أنّه قد ظهر مما ذكرناه في هذا المقام : أنّ المؤسّس لهذا المسلك ـ أي وحدة الوجود والموجود ـ هو إبليس ، حيث أوحى بذلك إلى أوليائه فأطاعوه ، واتّخذه لهم ديناً ، وجعلوا أنفسهم للشيطان قريناً فساء قريناً .

مختصر الإعتقاد من كتاب مرأة الرشاد

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم من الان إلى قيام يوم الدين