هذه محاضرة أُلقيت في السنة الماضية في صحن العتبة العلوية المقدَّسة ،
وحقَّاً أنَّها تحفة نادرة في المعارف الإلهية ومقامات السيدة زينب عليها
السلام ، يبدأ الشيخ محمد السَّند محاضرته قائلاً : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أول الخلائق بديعاً وأكملهم نوراً محمد وعلى آله الأكملين الأطهرين .
المناسبة لمّا افتتحت الحديث عن العقيلة زينب عليها السلام وأثرنا بعض
النتف أحسست أن النتفة لم تكتمل ، فتتمة لما تقدّم ، نكتة عميقة جداً في
كلامها سلام الله عليها ، نحاول أن نكمل هذه الفائدة بهذا البيان ، نواصل
الحديث عنها : حيث سُئلت سلام الله عليها من قبل اللعين ابن زياد ابن مرجانة : ( كيف رأيتِ صنع الله في أخيك ؟ قالت : ما رأيت إلا جميلاً ) .
ويا له من كلام جميل بجمال عقلي ، مع أنّها قبل هذا الكلام في مجلس ابن
زياد أو في خطبتها في الكوفة كم كانت تقرع وتندد من فعل الظالمين بأشدّ
تقريع واستنكار . الجهة الحساسة ـ يا أخوان ـ في هذا المبحث نكمله حيث
وقع في شراك مبحث معقّد صعب دقيق مغلق مبهم ، بصراحة كبّار حتّى العرفاء
إلى يومنا هذا ، وحتّى من الخاصّة ـ بصراحة ـ ، أًصلاً أحد القضايا المهمّة
جداً واقعة كربلاء ، وقتل سيّد الشهداء سلام الله عليه ، ولا أريد أن أذكر
الاسم ، فعوفوني عن ذكر الأسماء ، وليس دأبي ذكر الأسماء بقدر دأبي ذكر
الأفكار وموازنة البحوث والمطالب . جملة كبار من أهل المعنى والمعرفة
وقعوا في هذه البلبلة ، طبعاً مَنْ تقدّم من غير الخاصّة بالمعنى الأعم ـ
على أيّ حال ـ ابن عربي : أنّ في المشهد ـ مشهد الشهادة لسيّد الشهداء ـ هل
هناك فرح وسرور أو هناك حزن وغمّ ؟ هل هو ـ هكذا يعبّر البعض ـ يوم ميلاد ـ
ميلاد النور ميلاد ظفر سيّد الشهداء سلام الله عليه ـ فبهجة وسرور أو حزن
وغمّ ؟ هل هذه بركات أو هي نقمات ؟ لغط عرفاني علمي معرفي وفلسفي شديد إلى يومنا هذا
واختلط الأمر على كثيرين ، بينما في جوابها عليها السلام جعلت حدا فاصلاً
دقيقاً بين الجهة الجماليّة وهي منسوبة إلى فعل الله ، وبين الجهة
الشرّانية الظلمانيّة المنفورة الممقوتة وهي منسوبة إلى فعل الأشرار
والظالمين . ووازنت سلام الله عليها بين ذي الجنبتين ، جنبة جمالية
قضاء الله وقدره في تمام الأبعاد وتمام التقادير ، وكل ما يفعله الله جميل ،
لكن في منطقها أن عموميّة جماليّة ما يقضي الله به من قضاء وقدر لا يعني
في حال من الأحوال عدم سوءة وسوء وقباحة وقبح ما يفعله الظالمون والأشرار . فلا هذه الصفحة تدخل على تلك الصفحة ، وتلك الصفحة تدخل على هذه الصفحة .
ربّما ذكرت لكم ، أنّ أحد الأمور الشائكة على العرفاء أن يتخلّصوا منها (
هي قضيّة الجبر والتفويض ) ، هذه بصراحة حتّى الكبار منهم ، حتى من جملة
الخاصّة ، نجاتهم من قضيّة الجبر والتفويض صعب جدّاً عليهم ، لذلك هذا
الأمر ليس بالسهل ، عقيلة حيدرة تأتي وتقول لتضع هذا الميزان العظيم ببيان ـ
كما في منطق زين العابدين هكذا ، ولكن نستطيع أن نقول بيان العقيلة كان
فيه من القالب العمومي أكثر من البيان الذي بيّنه السجّاد سلام الله عليه .
أنّ وجود هاتين النسبتين : نسبة الحدث إلى الله ـ يعني أن الأمور ليست
مفوّضة إلى البشر ، نعم هذا الحدث الذي لازال زلزالاً في التاريخ وفي
الأمّة الإسلامية ولازال ولازال محكّاً وميزاناً ونقطة اصطفاف ، هذا فيه
صفحة ونسبة جمالية منسوبة إلى الله بديعة عظيمة ، ظفر وسرور وبهجة ( ما
رأيت إلاّ جميلا ) ، فالإنسان عندما يرى الجميل يسترّ ويبهج ويستقرّ ويطمئن
، هذا صحيح . مع ذلك تقول هي عليه السلام : هذه الصفحة لا تغيّب صفحة
أخرى ، يجب التبرّي منها ، صفحة شنآن وقباحة وسوءة وسوء ما قام به الظالمون
والعتاة والجورة . كل الماكرين والجائرين لا يفعلون إلاّ وفي تقدير
الله وتدبيره يصبّ في غايات عظيمة عند الله ، ( ما رأيت إلا جميلا ) ماذا
تعني ؟ يعني أن الغاية الإلهيّة والهدف الإلهي لم يزعزع الظالمون منها قيد
شعرة ، لم يستطيعوا أن يحبطوا المشروع الإلهي قيد شعرة ، ( إنّ الله بالغ
أمره ) ( إن الله جعل لكل شيء قدره ) . فكون الهدف الإلهي لم ينخرم ،
ولم يتزلزل هي التولّي ( صفحة التولّي ) أي قضاء الله وقدره ، وهذا لا يعني
عدم التبرّي من فعل الظالمين . الخطأ عند النهج العرفاني المعهود الآن
في المدارس العرفانيّة أنه لم ينخرم من الغرض الإلهي شيء ، لماذا نحن نجزع
ونتبرّم من فعل الظالمين ، فهذا التساؤل غريب ، لماذا هذا التبرّي من فعل
الظالمين ؟ لماذا يعترضون هذا الاعتراض ؟ يقولون كأنّ هذا الاعتراض على
قضاء الله وقدره ؟ لاحظوا هذا الخلط الموجود عندهم ، ففي منطقهم أن
إدانة الظالمين ينسحب على الجزع ـ يعني التبرّم ، فالتبرّم يعني الجزع وهو
ما نجزع من فعل الظالمين ، نبكي على الحسين نجزع على سيّد الشهداء ، هم في
منطقهم يعني أننا نجزع على ـ مقادير الله تعالى ، مع أنّ مقادير الله جميلة
، فكأنّما اعتراض على الله ـ هكذا هم يتخيّلون ـ طبعاً في هذا
المنطق[1] : فإنّ الجزع والبكاء على سيّد الشهداء أو على استشهاد أمير
المؤمنين ، أو على مصائب أهل البيت ، أو على ما فعله شمر بن ذي الجوشن ، أو
على عمر بن سعد ، أو يزيد بن معاوية ، أو يوم حرق باب فاطمة أو.. أو.. هذا
اعتراض على مقادير الله . طبعاً هذا المنطق في هذه الفكرة ، فيها
مغالطات إلى ما شاء الله ، لأنّه عندما يدين مَنْ يدين ، يقول : عندك إدانة
يعني ؟ أتدين ؟ ولماذا تديننا ـ أليس عندك العاملين بالسوء ضمن مقادير
الله ، فنحن ضمن مقادير الله ـ ؟ هل التفتم إلى النقض أو لا ؟ يقول : لا تداين أحداً ؟ لا تستنكر على أحد بمنطق أن كل ذلك بمقادير الله ؟
وهذا هو الجبر ـ طبعاً ـ ، لاحظوا المسألة التي نقّحتها العقيلة ، وأفصحت
عنها ، مسألة تزلزت فيها الكبار ـ كبار العارفين والباحثين ـ فليست مقولة
العقيلة مقولة سهلة ، مقولة غائرة في العلم جداً ، نقول لهذا القائل عندما
تقول : لماذا تدين مَنْ اتى بالسوء ؟ أو لست تقول : كلّ من يأتي بالسوء لا
يُدان ؟ فلماذا أنت تديننا ؟ هو يقول : لا تلعن ، لا تتبرء ، لا تكره ،
ثقافة الكراهيّة مُدانة ، أو لست أنت تقول : مَنْ ياتي بالقبائح لا يُدان ،
فنحن نأتي بقبائح فمن ضمن مقادير الله ؟ فباؤك تجرّ هنا ولا تجرّ هناك ؟
بأيّ منطق ؟ هل التفتم ـ الدجل الديالكتيكي التضادّي المتناقض ـ عجيبة
يعني ؟ فإذا وصلت إلى شمر بن ذي الجوشن ، وعمر بن سعد ، ويزيد بن معاوية ،
وأصحاب السقيفة ، وفرعون ونمرود ، خطأ الإدانة ، فثقافة الكراهية خطأ . ولكن إذا وصلت إلينا نحن نكره أولئك ، لا ، بل يجب أن نُدان ونُحاسب ، عجيب ! تناقض لاحظوا أنهم حتّى في موازينهم ـ التي يدّعون أنّها عرفانيّة ـ تناقض واضح . هذا نقض أول
ونقض ثاني ـ وجواب ثاني ـ : أوليس القرآن يعلّمنا على طول التاريخ إدانة
فرعون وإبليس ونمرود والقتلة لأصحاب الأخدود ، وقابيل ، لماذا يعلّم القرآن
على ثقافة الكراهيّة ؟ فالقرآن ـ أيضاً ـ فيه صفحتان : (1) صفحة جمالية فعل الله . (2) وصفحة التبرّم والنفرة والإدانة والكراهيّة لأصحاب السوء والأشرار .
صفحتان نراهما في القرآن : صفحة جمالية ، وصفحة جلالية ـ جلال الله ـ ،
جنّة وجهنّم ـ كلتا الصفحتين موجودتان ـ ، فكيف أنتم تريدون صفحة واحدة في
بسيطة الوجود ، فكلتا الصفحتين موجودتان ؟ ثالثاً ـ أيضاً كنقطة ثالثة ـ
: هم لم يميّزون في هذه المقولة بأنّ ما هو فعل الله ـ الذي ركّز عليه
بيان العقيلة وركّز عليه بيان زين العابدين ـ شيء ، وفعل العباد شيء آخر ،
هذه المعضلة التي هم إلى الآن لم يستوعبوها ، ما هو فعل الله ؟ فعل
الله هو حتّى في أحداث الظالمين موجود ، ولكنّه جميل ، هو يسير ضمن الخطّة
والبرمجة والتخطيط والجدولة والمسيرة الإلهيّة ، طبعاً وهذا نقبله ، فلا
يحدث حدث في الكون إلاّ ويقيّضه الله للهدف العظيم الإلهي ـ وهذا شيء طبيعي
ـ ( يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) وهذا شيء طبيعي . ولكن
هذا لا يعني بحال من الأحوال أن ليس للظالمين فعل ، وسوء ، فالخلط بين
هاتين الورقتين ـ فلسفياً وكلاميّاً وعرفانيّاً ـ تكون الطامّة الكبرى هنا ،
ثم تداعيات هذا الأمر فيما بعد ، فإذا كنّا نمتدح فعل الظالمين ، وانفلات ـ
بالله عليكم ـ هل سنؤمن بالدين ؟ يوم الدين ماذا ؟ الدين هو المساءلة
والمحاسبة . هم يرومون إلى ما يرومون إليه هذه المقولة ستؤدي إلى إنكار
أن هناك حساب ويوم حساب ، وأن هناك ميزان ، فمعناه أنه لا يوجد ميزان ،
فلا ميزان ولا حسابَ ولا ديّان يوم الدين ، فمُدان ومدين ومُدان له لا وجود
لهم في البين ، بينما هي سلام الله عليها لاحظوا كيف تربط المسلمين
والمؤمنين وتربط أكبر حدث في عالم الإسلام تربطه بيوم الدين ( ما رأيت ـ
فعل الله ـ إلاّ جميلا ) فعل أولئك : تقرّع بهم ، أتعلمون أي كبد لرسول
الله فريتم ؟ أو عجبتم .. ثم تنزل عليهم نزولاً هادراً ، طبعاً ، نفس هذان
الوجهان لزينب هاتان الصفحتان يعني إقامة يوم الدين وهذا يعني ميزان يوم
الدين ، هذا معنى ( لا جبر ) لذلك تداينهم ، ( ولا تفويض ) يعني ليس لدينا
منطق إِياس ( يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) ( ما رأيت إلاّ جميلا
) ، هذا حينئذٍ يجعل قلب زينب بين الخوف والرجاء ، وبين التبرّي من فعل
الظالمين ، وبين الرجاء لأمل الله . العجيب في مدرسة أهل البيت والقرآن
أن لا يرتقي عارف في أحد الزيارات الجامعة التي أوردها الشيخ عباس القمي
رحمة الله عليه ـ وهي غير الزيارة الجامعة المعروفة ـ أنّ سبب رقي أهل
البيت ـ يعني النبي وآله ـ إلى فوقية فوق الملائكة المقرّبين وفوق الأنبياء
المرسلين ، وفوق .. وفوق كل مقرّب ومصطفى سببه ( أن الله روّض قلوب أهل
البيت بخوف ورجاء ) ، بدرجة عظيمة من كل من الخوف والرجاء ، تلك الدرجة
ليست في قلب أيّ أحد . هذه هي الموازنة بين ( الجلال والجمال ) ، وبين (
لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين ) هذه كلّها تتنزّل ـ طبعاً كما سيأتي
في أبحاث المعارف اللاحقة ، وستأتي كلها مفصّلاً كاملة كيف الارتباط بين
بعضها البعض ، بين الجمال الإلهي وبين الجنّة والتولّي وبين الجلال الإلهي
والقهر والجهنّم والتبرّي ، كل هذه تنزّلات ستأتي إن شاء الله ، تنزّلات
عقلية منطقيّة مع بعضها البعض ـ هذا الذي يوجب طيران الإنسان إلى المعالي ،
أمّا أن تخبط فعل الله بفعل البشر ، وفعل البشر بفعل الله ، ونخبط الشر
بالخير والخير بالشرّ ، وهلم جرّا ، هذا كفر بأسماء الله ، وإنْ كنّا نحن
لسنا بصدد التكفير ، بل أقصد كفر علمي ، وليس كفراً فقهيّاً ، فهذا جحود
وجهل بمقامات الأسماء الإلهيّة ، يعني أعرف بعض الأسماء الإلهيّة ولا أعرف
البعض الآخر ، كما أن الله رحيم ودود و.. وأيضاً الله جبّار وشديد العقاب
وسريع الحساب ، وإلاّ لكانت هذه الأسماء كاذبة ، أعوذ بالله ، فهذه الأسماء
حقيقة ، وتداعياتها كلّها حقيقة . إذاً : لا يكون ـ في منطق العقيلة
ومنطق زين العابدين ـ الموحدُ موحّداً حتى يؤمن بجميع هذه الأسماء ولوازمها
وتداعياتها ، ولا يخلط بين دولة ودولة أخرى ، دولة أسماء معيّنة ودولة
أسماء أخرى ، وسيأتي بحثها في بحث الأسماء والصفات . بالنسبة لفعل الله ( ما رأيت إلا جميلا ) وبالنسبة لفعل البشر : انظر إلى تقريعاتها كم هو تقريع شديد ، أبكت كل عدو وصديق .
اتفاقاً : فلسفتها بيّناها سابقاً ، فالجزع على الكُمّلِ انجذاب إلى
الكمّلين ، فكما في قول أمير المؤمنين سلام الله عليه ـ وهو يخاطب النبي
صلى الله عليه وآله ـ : ( الجزع كلّه مكروه إلا عليك ) لِمَ ؟ لأنّ الجزع
هو عبارة عن الانجذاب إلى النبي ، فالجزع على الحسين هو انجذاب إلى الحسين
وجماليته ونوره ، أمّا أنا أخسر سيّد الشهداء ولا أجزع يعني عدم الانجذاب
إلى نور الحسين وقدوة الحسين وأنموذجية الحسين وأمثولة الحسين . أنتم ـ
الآن ـ في منطق البشر ، منظمة الأمم المتحدة سيرة عقلائية عصرية ، ـ بالله
عليكم ـ احصوا بيانات منظمة الأمم المتحدة ، هل بيانات الإدانة أكثر أو
بيانات التضامن التي تصدر من الأمم أكثر ؟ صدّقوني بيانات الإدانة أكثر
بأضعاف بيانات التضامن ؟ واضح ، فالتبرّي مهم ، وهو هذا التفسير الآخر :
تصفية ثم تحلية ، فلا بُدّ من تصفية الكدورات وهذا المنطق منطق قرآني ،
وهو يرجع إلى عدم الجبر ومرّ بنا : العرفاء ـ ولا أقول كلّهم بل أقول
أكثرهم إنْ لم أقل جلّهم ـ لم يستطيعوا ـ وحقّهم ألاّ يستطيعوا ونعذرهم
لأنّهم ليسوا معصومين ـ أن ينجوا من مسألة الجبر . ركنان هم لم يستطيعوا أن ينجوا منه :
الأول : كيف يصوّرون هناك موجود غير الله في حين أنّه فقير إلى الله (
مسألة الوحدة الشخصيّة ) فلم يستطيعوا أن ينجوا منها بصراحة ، كما بيّنها
الوحي القرآني والوحي المعصومي . مسألة أخرى عويصة وقعوا فيها هي ( الجبر في الأفعال ) .
لذلك هذا الجواب وهذه المقولة من العقيلة ـ يا أخوان ـ أجيال من العلماء
أتوا بعد العقيلة إلى يومنا هذا ولم يستطيعوا أن يهضموا هذا المنطق عند
العقيلة . صفحتان لا تشتبكان ( ما رأيت إلا جميلا ) في حين أنها تقرع
الظالمين في فعلهم وفي واقعة واحدة ، ترى منظران لها عليها السلام ، وليس
منظر واحد . هم يرون بعين واحدة ، ولا يرون بعينين . هذا سرّ عظيم معرفي في جواب العقيلة ، يزنه مَنْ رأى كبّار من الفحول توحّلوا . وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .
_________________ [1] ـ سأل أحد الطلبة : قليل منهم هكذا يتصوّرون ؟
فقال سماحة الشيخ : أنا أقول كلّهم ، بل لا أقول كلّهم بل كثير منهم ،
ونحن لسنا في صدد الأشخاص ، بل نحن في صدد الفكرة ، فمقاضاة الأشخاص ليس من
دأبنا وليس من دأب البحث العلمي ، فالبحث العلمي يقاضي الأفكار ولا يقاضي
الأشخاص ، فالأشخاص بحث آخر ، وكلٌّ بحسب تشخيصه ، فالكلام في مقاضاة
الأفكار . فهم هكذا ـ أقصد الفكرة هذه على أي حال ـ وإلاّ فكتبهم
واستعراض مداركهم بالتفصيل ، ولكن ليس من دأبي التعرّض إلى الأشخاص وهذا
ليس دأباً علميّاً ، بل يصير الدأب ـ على كل ـ شخصاني ، وهذا غير صحيح . مع أنّ من بينهم أسماء كبيرة ، وموجودة وأدري بها بالمصدر والصفحة ، ولكن هذا غير مفيد . ـ وسأله طالب آخر : مَنْ هم هؤلاء ؟
فقال سماحة الشيخ : إذن : سنصير عواماً ـ مع المعذرة ـ لأنّ الباحث العلمي
الميزان عنده الفكرة العلميّة وليس الميزان عنده الأشخاص ( أنظر إلى ما
قيل ولا تنظر إلى مَنْ قال ) نعم إذا كانوا معصومين ، فالميزان في شخص
المعصوم ، أمّا في غير المعصوم الميزان على الفكرة ، صحيحة أو خطأ طبق
الكتاب والسنة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق