السبت، 16 مايو 2015

ماذا يخطط له الحيدري ؟ هل يدعو لايجاد سقيفة جديدة ملكوتية؟ (الشيخ حسن الكاشاني)


بغض النظر عن جميع المناقشات العلمية و المنهجية على منهج السيد كمال الحيدري، يبدو انه - من حيث يشعر او لايشعر - جاء ينفذ خطة خطيرة غايته في تبديل التراث الروائي الواصل من خزان العلم الالهي بالتراث الفلسفي و العرفاني.
فتراه انه في محاضرة واحدة يكرر عدة مرات و يكدس في ذهن المشاهد ان الموروث الروائي الشيعي فخ خطير و قد وقع فيه بالفعل جمع غفير من اعلام الطائفة و ادى بهم الى الضلال في العقيدة و تعطيل القرآن و المخالفة معه.
و في الوقت نفسه لا يذكر شيئا من الموروث الفلسفي و العرفاني الا باجلال و اعظام و يذكر نتاج مدرسة العرفاء ببهجة و طراوة و انها هي الحل الامثل للمشكلة. فحينما يقوم المشاهد عن محاضرته يقوم و قد حصلت لديه النفرة عن الموروث الروائي و اعتبرها فخا و مليئة بالزندقة و مخالفة القرآن و الاسرائيليات و المجوسيات و النصرانيات، بينما ينجذب الي الموروث العرفاني من امثال ابن العربي و يراه الحل الاخير و ان فيه من اللطافة و الدقة ما يستحق ان يأخذ بمجامع قلبه.
حتى و لو لم يستوعب فهم المشاهد شيئا من ابحاثه الا ان هذه النفرة و ذلك الاعجاب تبقى في نفسه مستقرا، نفرة عن الحديث و جذبة الى العرفان! فيرى الاول فخا يجب التجنب عنه و الثاني جنة يجب ان يقترب منه !
و لعمري ان هذا اخطر من كل اطروحاته التي تناقض ضرورة المذهب، فانه دعوة لبناء سقيفة ليست من خشب و لا حجارة، بل سقيفة ملكوتية توخر تراث اهل البيت عليهم السلام و تقدم تراث فلاسفة يونان و عرفان اكسيوفان في الوقوف على حقائق الملكوت و الوصول الى باطن هذا الدين و فهم القرآن العظيم
...
و لئلا يكون كلامى هذا صرف دعوى بلا دليل اذكر لكم بعض المقاطع من احدى محاضراته ، و هي المحاضرته الثانية عشر من سلسلة \"من اسلام الحديث الى اسلام القرآن \" و الذي تطرق فيها الى مسألة سهو النبي صلى الله عليه و آله ، و موجود نص المحاضرة على صفحته الرسمية:
قال:
«الخطورة هنا أعزائي وهو أن هذا الموروث الروائي تحوّل إلى أصول عقائدية ومباني عقائدية وهذه هي خطورة الموروث الروائي الذي اخترق مدرسة أهل البيت وهو أنه استطاع هذا الموروث الروائي أن يتحول إلى مباني عقديّة وأخذ يشكل العقل الشيعي في عقائده في أخلاقه، في سلوكه، في تعامله مع الآخر. تقول سيدنا من هم هؤلاء الذين تبنوا الجواب: ممّن وقع في فخ هذا الموروث الروائي الشيخ الصدوق، الشيخ الصدوق أعزائي وقع في فخ هذه الروايات ووقع في فخها بشكل شديد ومتشدد»
و قال بعد نقل كلام عن الشيخ الصدوق:
«هذه آثار الموروث الروائي الذي أصيبت به مدرسة أهل البيت»
و قال:
«القضية أعزائي مربوطة بكرامة خاتم الأنبياء انتم تعرفون عمن نتكلم ده نتكلم عن أول مخلوقٍ في نظام العالم عن واسطة الفيض بين الله وبين خلقه نقول بيني وبين الله الصلاة التي يصليها ساهٍ فيها حتى ينبهه أصحابه الذين بالأمس أسلموا على يديه بيني وبين الله أي منطق هذا ولكن هذا الموروث الروائي الذي قلت خطورته أدى بالشيخ الصدوق إلى هذا بالنحو الذي أدى يلعن المفيد لأنك تنكر ماذا؟ السهو.»
«هذا مجمع البيان يقوله ها أعرفوا هذا من أين دخل علي واقعاً أصيب بفخ أين فخ الموروث الروائي قال فأما ما سواه فقط جوزوا عليهم أن ينسوه» 
« مع الأسف الشديد وجدت بعض الكتاب كاتبين أنه نعم هذه الروايات وردت في بعض مصادرنا الروائية ولكن بحمد الله تعالى بقية منظومتنا العقدية نقية »
« والكليني والعهدة على من على صاحب الجواهر وأبي علي الطبرسي الذي قرأنا عبارته تقول يعني واقعاً هؤلاء لم يقرءوا أقول هذه نتيجة الاستناد إلى إسلام الحديث من غير إسلام ماذا القرآن وإلا نظرية الإنسان الكامل في القرآن »
علما بان نظرية الانسان الكامل نظرية عرفانية جعلوها بديلا عن نظرية الامامة. 
« ولا يقول لي قائل سيدنا هذا في الحوزات العلمية مولانا انتهى ذلك الزمان لم يعد شيئاً خافياً الكل ما هو معلن وهذه الكتب موجودة في المواقع والكتب منتشرة عزيزي هذا منطق العاجز ثم إذا كان في كتبنا ما يعيب نحن نعالجه بأنفسنا معالجة العيب بأنفسنا أفضل من معالجة العدو لما هو في كتبنا»
« النكت الاعتقادية المجلد العاشر ص27 و 28 يقول ولسنا ننكر بأن يغلب النوم الأنبياء في أوقات الصلوات حتى تخرج ولسنا ننكر سؤال: نعم هي المشكلة هو هذا الإسلام الحديث فيقضوها»
« بعد ذلك إذن أعزائي دعوى أنّ الموروث الروائي لم يؤثر على المنظومة العقدية دون إثباتها خرط القتات كما يقولون يعني الذي قال ذلك أمي جاهل لم يطالع تراثنا كيف أن الموروث طبعاً وهنا لو كان عندي وقت لذكرت لكم عشرات الموارد التي اثر فيها الموروث الروائي الدخيل والموضوع والمغالى فيه والكذب والزندقة اثر لبناء منظومة عقديّة في العقل الشيعي والى الآن هؤلاء الذين يناقشون أيضاً معتقدون وهم لا يعلمون أنهم اعتقدوا على أساس منظومة أو موروث روائي دخيل موضوع مختلق . فقط أن أريد أجيب أنه من يقول أنّ الموروث الروائي في المصادر لم يؤثر على المنظومة العقدية بينت ماذا لا الموروث الروائي اثر على كل منظومة. ومن هنا أبطل كل هذه العقائد وما هو يناظرها لماذا؟ لأنها مخالفة للقرآن القطعي لنظرية الإنسان الكامل في القرآن وللسنة القطعية من قبيل حديث الثقلين.»
«اعزائي كونوا على ثقة هذه هي الخطوة الأولى والمرحلة الأولى من المشروع التصحيحي الذي لابد من القيام به في كل موروث مدرسة أهل البيت ابتداءً من التفسير ومروراً بالعقائد والفقه والأصول والأخلاق والتاريخ والمعاجز التي نسبة إلى الأئمة والكرامات و…و… فإن اضعف هذه الحلقات كان موروث الروائي وإلّا أدعو الله سبحانه وتعالى أن أقف لأقول ما هو الذي ينبغي أن يحصل موروثنا الفقهي ومن أين اخترقنا ومن أين جاءنا وباء الاختراق في الفقه وفي الفتاوى الفقهية العلامة الحلّي وما إدراك ما العلامة الحلي لابد أن نعرف بأنه كيف اخترق الفقه السني ماذا الفقه الشيعي وأمّا في الأصول فما شاء الله لابد أن نرجع إلى أصول الآخرين إلى المستصفى للغزالي إلى الرسالة للشافعي لنرى ما هي الاختراقات لعلم الأصول الفقهي عند الشيعة أمّا الأخلاق فقد اشرنا إليه سابقاً وان شاء الله أزيده فأمّا التفسير فما شاء الله اختراقه تم على يد تفسيرين معروفين تفسير القمي وهو تفسيرٌ فيه بعض الروايات لعله صحيحة ولكنه مدسوسٌ مغشوشٌ متلاعبٌ فيه وكتابٌ من أبي الجارود الزيدي الملعون هذه تفاسير مع الأسف الشديد أن الإخباريين كانوا على الحق انه هذه لا تكون مدرسة ناصحة ولكنه لم يكن معهم الحق أن يكونوا حشوية ويستندوا على الاخبار ويبتلوا بفخ الاخبار»
... 
و الملفت للنظر الاصرار و التركيز من الحيدري على ان ذلك من تبعات اسلام الحديث بصورة مطلقة و انه من خطورة التراث الروائي بصورة اجمع، حتى لو كان الحيدري يقصد قسما من الموروث الروائي الذي يراه غير صحيح، الا ان الصورة التي تنطبع عند المشاهد هو عدم الثقة بهذا التراث نهائيا ، لاسيما و انه يعمم كلامه لاكثر و كثير من هذا الموروث. فان تراثا يحتوي على نسبة كبيرة من الاسرائيليات و الزندقة و مخالفة القرآن و و و ... لحقيق ان يهجر و ينبذ و لا يقترب منه، لاسيما للعوام الذين هم القاعدة الكبرى من مطالعي محاظراته.
الان حينما استقر عند المشاهد عدم كفائة التراث الروائي لحلحلة المشاكل ، بل هو الفخ و هو الذي اوجد مشاكل كبيرة و خطيرة و كثيرون وقعوا في فخه بالفعل و ان هذا التراث اخترق مدرسة اهل البيت عليهم السلام ، بدأ في بيان البديل عن هذا التراث و ان كان قد لمح الى ذلك في طيات كلامه حيث جعل نظرية الانسان الكامل العرفاني بحيث النجم من التراث الروائي و أين الثرى من الثريا!
و الان وفي الدقائق الاخيرة من المحاضرة بدأ يجلل و يعظم من الموروث العرفاني بشكل صريح بعد كل تلك التهم التي وجهها للتراث الروائي ، فبين انها هي الحل الامثل.
قال في كلام نقله عن السيد الطباطبائي:
«ومن عظيم الجرم أنّ نعزل العقل كما فعلت من الاشاعرة، الاشاعرة قالوا العقل ما اله ما قاله الله فهو حسن ما فعله فهو حسن قال: لا ليس كذلك إذن ما هي النظرية، النظرية كما قلنا عند العرفاء حلو المشكلات عند النظرية العرفانية وهي حكومة الأسماء بعضها على بعضٍ صحيح الله قادرٌ ولكن الله حكيمٌ أيضاً فإذن عندما نضع الحكمة جنب القدرة هذه القدرة لا تفعل على إطلاقها من يقيدها؟ الحكمة سماحة، مو أنا أقيدها من يقيدها اسم الآخر. ها هي المعروفة بنظرية حكومة الأسماء الإلهية بعضها على بعض ولذا تجد القرآن ماذا يقول ما يقول انتم كتبتم عقلكم قال عليه الرحمة قال: كتب على نفسه الرحمة، هو الكتاب هو المقيد، نعم اسم كتب على اسم آخر وهذه هي المعروفة بنظرية حكومة »
...
و هكذا يتحول عند المشاهد مقام اهل البيت عليهم السلام العلمية بمقام العرفاء و الفلاسفة، و يرجح ان يجعل التراث الفلسفي و العرفاني ثقلا ثانيا بجنب القرآن!
و هذه هي سقيفة يدعو اليها السيد كمال الحيدري!

 الحيدري و ابن العربي
حينما بدأ السيد كمال الحيدري بحملته الشرسة ضد تراثنا الروائي النازل من فوق سبع سماوات و الواصل الينا من خزان علم الله و معادن حكمته واعتبرها فخا يجب الاجتناب عنه؛ نراه يثني على الموروث العرفاني الواصل من أقطاب العرفاء المنحرفين عن اهل البيت عليهم السلام كمحي الدين العربي، بل يرى عدم امكانية الرقي في سماء العلم والمعرفة الا بالتتلمذ عند ابن العربي و دراسة موروثه كالفصوص و الفتوحات و غيرهما.
فلنأت الى سقيفة الحيدري هذه؛ لنرى ما هذا الموروث العرفاني الذي يرشحه لنا مرجعا و كهفا لفهم الدين في سقيفته الملكوتية، و رضى بها بدلا عن التراث الروائي !
إبن العربي ـ هذا الذي يكبره الحيدري بإجلال ـ هو الذي عرف بنصبه وعدائه لأئمّة أهل البيت عليهم السلام ، وقد ذهب في جملة مقاله إلى عصمة عمر بن الخطاب. 
قال في الفتوحات في معرفة الطبقة الأولى والثانية من الأقطاب الركبان : « و من أقطاب هذا المقام عمر بن الخطاب و أحمد بن حنبل ، و لهذا قال صلى اللّه عليه و سلم في عمر بن الخطاب ـ يذكر ما أعطاه اللّه من القوة ـ : « يا عمر ما لقيك الشيطان في فج إلا سلك فجا غير فجك ! » فدلّ على عصمته بشهادة المعصوم. و قد علمنا إن الشيطان ما يسلك قط بنا إلا إلى الباطل و هو غير فج عمر ابن الخطاب ، فما كان عمر يسلك إلا فجاج الحق بالنص. فكان ممن لا تأخذه في اللّه لومة لائم في جميع مسالكه و للحق صولة ، ولما كان الحق صعب المرام قوياً حمله على النفوس لا تحمله و لا تقبله بل تمجه و ترده.لهذا قال صلى اللّه عليه و سلم : « ما ترك الحق لعمر من صديق » و صدق صلى اللّه عليه و سلم يعني في الظاهر و الباطن ، أما في الظاهر فلعدم الإنصاف و حب الرئاسة و خروج الإنسان عن عبوديته و اشتغاله بما لا يعنيه و عدم تفرغه لما دعي إليه من شغله بنفسه و عيبه عن عيوب الناس ، و أما في الباطن فما ترك الحق لعمر في قلبه من صديق فما كان له تعلّق إلا باللّه »
(الفتوحات المكيّة ، ابن العربى : 4 / 200 الباب الثلاثون.)
وغير خفي أنّ العصمة إنّما تعني فيما تعنيه عدم صدور الذنب والخطأ والإشتباه ، بخلاف العدالة التي تجتمع مع صدور الخطأ والإشتباه ، وأمّا المعصوم فهو الذي لايصدر منه أي انحراف و زيغ لا عمداً و لاسهواً ولا جهلاً ولا نسياناً ، فهو العالم المحيط بجميع الأحكام والموضوعات و لا يشتبه في تعيين الحكم و لا في تشخيص الموضوع ، ولايفرّط في العمل بما علمه ، و بفعله يستدلّ على مواضع رضى اللّه وسخطه ، فإنّ المعصوم هو ميزان الأعمال. والوصول إلى هذا المقام لايمكن إلا بالعلم اللدني.
والإلتزام بهذا المقام في عمر بن الخطاب يفصح عن النصب الظاهر الجلي حيث يلزم منه القول بأنّ عمر بن الخطاب كان على الحق في جميع مواقفه وأفعاله وأقواله ، فإحراقه لبيت فاطمة وشنّ الهجوم على بيتها وضربها وإسقاط جنينها وكسر ضلعها وغير ذلك من الجنايات القارعة التي اسودّت منها الآفاق كان صواباً وحقاً من دون خطأ واشتباه ، وكذا ايذائها ـ الذي اتّفق الفريقان على أنّه قد آذاها فوجدت عليه الصدّيقة الطاهرة فلم تكلّمه حتى توفيّت ـ طاعة وقربة للّه لاذنب ولاخطأ. « كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ كَذِبا ».
فما أغلف قلب هذا الرجل الذي يحسب أنّه ما كان في قلب عمر بن الخطاب تعلّق بما سوى اللّه !
أليس هو الذي نسب سيّد الرسل إلى الهجر والهذيان ؟
وليت شعري أي إله أعطى عمر هذه القوّة التي قوى بها على الشيطان فلم يسلك الشيطان فجّه قطّ ؟
هل الإله الذي جعل مودّة قربى النبي أجراً لرسالة الرسول ؟
أم الإله الذي أذهب من أهل بيت الرسول الرجس وطهّرهم تطهيراً ؟
أم الإله الذي جعل رضا فاطمة رضاه وسخطها سخطه ؟
أم الإله الذي نفى عن نبيّه أن ينطق بالهوى ؟ 
ثمّ لِمَ أعطاه هذه القوّة القاهرة ؟
هل ليلطم وجه الصديقة الطاهرة ؟ 
أو ليكسر ضلعها ؟
أو ليحرق دارها ؟
أو لينسب رسوله إلى الهجر والهذيان ؟أو ليرتكب تلكم الجنايات القارعة على ناموس الدين وقدس صاحب الرسالة وحرمة سلطان الولاية ؟
أيسوغ مثل هذا الحمد والثناء لمن يؤمن باللّه واليوم الآخر ويصدّق نبي الإسلام وما جاء به ؟
أم هل يتصوّر له عذر عن التفوّه بهذه الكلمات ؟
أليس كلّ ذلك ممّا ثبت عندهم بالنصّ الصحيح الصريح وقد رواها محدّثوهم وأقرّ به أكابرهم من أهل سنّة الجماعة وجماعة السلطان ؟
مع انّ ما ذكره لو صحّ ودلّ على عصمته ، فإنّما يدلّ عليها واقعاً غير معلّق على ثبوت شيء أو إثباته ، وبما أنّ تلك الجنايات ثابتة واقعاً فلامناص له من الالتزام بما ألزمناه به. فما أقبح عذر من قال إنّ تلك المواقف من عمر غير ثابتة عند ابن العربي.
ثمّ ما عذر السيد کمال الحيدري في اجلال موروث هذا الناصبى و إعظامه، حتي ان من لم يقرأ کتبه و لم يدرسها عند اهله (الذي لايوجد في کل عصر ما خلا واحد او اثنين و في عصرنا هو الوحبد الذي يفهم کلامه على حسب قوله) لا يراه اهلا لفهم القرآن و العلوم الالهيه! 
في حين ينتقص موروثنا الروائي و يدعي ان كثيرا منها من اليهود و المجوس و النصارى؟!!

 "ابن العربي الشيخ الاكبر عند الحيدري"
وقد بلغ من اغترار ابن العربي بنفسه إلى أن قاس نفسه بنفس خاتم الأنبياء وقال كما أنّ اللّه قد ختم برسول اللّه الأنبياء فعسى أن يختم بي الأولياء !!
قال :
« و لقد رأيت رؤا لنفسي في هذا النوع و أخذتها بشرى من اللّه ، فإنّها مطابقة لحديث نبوي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين ضرب لنا مثله في الأنبياء عليهم السلام ، فقال صلى اللّه عليه و سلم : « مثلي في الأنبياء كمثل رجل بنى حائطا فأكمله إلا لبنة واحدة فكنت أنا تلك اللبنة فلا رسول بعدي و لا نبي ». فشبّه النبوة بالحائط و الأنبياء باللبن التي قام بها هذا الحائط ، و هو تشبيه في غاية الحسن. فإن مسمّى الحائط هنا المشار إليه لم يصح ظهوره إلا باللبن فكان صلى اللّه عليه و سلم خاتم النبيين. فكنت بمكة سنة تسع و تسعين و خمسمائة أرى فيما يرى النائم الكعبة مبنية بلبن فضة و ذهب لبنة فضة و لبنة ذهب و قد كملت بالبناء و ما بقي فيها شيء و أنا أنظر إليها و إلى حسنها ، فالتفت إلى الوجه الذي بين الركن اليماني و الشامي هو إلى الركن الشامي أقرب فوجدت موضع لبنتين لبنة فضة و لبنة ذهب ينقص من الحائط في الصفين ، في الصف الأعلى ينقص لبنة ذهب و في الصف الذي يليه ينقص لبنة فضة ، فرأيت نفسي قد انطبعت في موضع تلك اللبنتين ، فكنت أنا عين تينك اللبنتين و كمل الحائط و لم يبق في الكعبة شيء ينقص و أنا واقف أنظر و اعلم إني واقف و اعلم إني عين تينك اللبنتين لا أشك في ذلك و أنّهما عين ذاتي. واستيقظت فشكرت اللّه تعالى و قلت متأولاً : إنّي في الاتباع في صنفي كرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الأنبياء عليهم السلام ، وعسى أن أكون ممن ختم اللّه الولاية بي و « وَ ما ذلِكَ عَلَى اللّهِ بِعَزيز » و ذكرت حديث النبي صلى اللّه عليه و سلم في ضربه المثل بالحائط و أنه كان تلك اللبنة. فقصصت رؤاى على بعض علماء هذا الشأن بمكة من أهل توزر ، فأخبرني في تأويلها بما وقع لي ، وما سميت له الرائي من هو. فاللّه أسأل أن يتمّها علي بكرمه فإن الإختصاص الإلهي لا يقبل التحجير و لا الموازنة و لا العمل و إن « ذلِك من فَضْلِ اللّه يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ من يَشاءُ وَ اللّه ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ » ».
(الفتوحات المكيّة ، محي الدين ابن العربي : الباب الخامس و الستون ، ج 4 ص 319.)
ولايخفى أنّ في هذه العبارات تلميح إلى أنّه أفضل من سيّد الرسل ، فإنّ حائط رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كان من طين بينما حائطه كان من ذهب وفضّة ، وحائط سيّد الرسل صلى اللّه عليه وآله كان من إحدى الحيطان بينما حائطه كان حائط الكعبة ، وهو أيضاً لعب دور لبنتين في حين أنّه صلّى اللّه عليه وآله أشغل موضع لبنة واحدة ! !
"الرجبيون يرون الشيعة خنازير"!!
قال ابن العربي في مكاشفة الرجبيين :
« ومنهم رضي اللّه عنهم الرجبيون ، وهم أربعون نفساً في كل زمان ، لا يزيدون ولا ينقصون. وهم رجال حالهم القيام بعظمة اللّه ، وهم من الأفراد ، وهم أرباب القول الثقيل من قوله تعالى : « إِنّا سَنُلْقي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقيلا » ... لقيت واحداً منهم بدنيسير من ديار بكر ، ما رأيت منهم غيره... وكان هذا الذي رأيته قد أبقى عليه كشف الروافض من أهل الشيعة سائر السنة ، فكان يراهم خنازير. فيأتي الرجل المستور الذي لا يعرف منه هذا المذهب قطّ ، وهو في نفسه مؤمن به يدين به ربّه فإذا مرّ عليه يراه في صورة خنزير ، فيستدعيه ويقول له : تب إلى اللّه ؛ فإنّك شيعي رافضي ، فيبقى الآخر متعجّباً من ذلك. فإن تاب وصدق في توبته ، رآه إنساناً وإن قال له بلسانه تبت ، وهو يضمر مذهبه ، لا يزال يراه خنزيراً ، فيقول له : كذبت في قولك تبت. وإذا صدق يقول له : صدقت فيعرف ذلك الرجل صدقه في كشفه ، فيرجع عن مذهبه ذلك الرافضي. ولقد جرى لهذا مثل هذا مع رجلين عاقلين من أهل العدالة من الشافعية ، ما عرف منهما قطّ التشيع ولم يكونوا من بيت التشيع أداهما إليه نظرهما ، وكانا متمكنين من عقولهما ، فلم يظهرا ذلك وأصرّا عليه بينهما وبين اللّه ، فكانا يعتقدان السوء في أبي بكر وعمر ويتغالون في علي. فلمّا مرّا به ودخلا عليه ، أمر بإخراجهما من عنده ، فإن اللّه كشف له عن بواطنهما في صورة خنازير ـ وهي العلامة التي جعل اللّه له في أهل هذا المذهب ـ وكانا قد علما من نفوسهما أنّ أحداً من أهل الأرض ما اطلع على حالهما ، وكانا شاهدين عدلين مشهورين بالسنة. فقالا له في ذلك ، فقال : أراكما خنزيرين ، وهي علامة بيني وبين اللّه فيمن كان مذهبه هذا. فأضمرا التوبة في نفوسهما ، فقال لهما : إنكما الساعة قد رجعتما عن ذلك المذهب ، فإنّي أراكما إنسانين فتعجّبا من ذلك ، وتابا إلى اللّه ».
(الفتوحات المكية ، ابن العربي : 2 / 8.)
اقول: ما أحوج ابن العربي إلى اختلاق هذه الأساطير المشمرجة ، وهي لا يصدّقها أي قار وباد مهما يقرّها قصّاص في أذنيه ، ولا يصير بها الأمر إلى قراره مهما حبكت نسقه يد الإفك وأبدعت في نسجه مهرة الإفتعال. لكنّه لم يزل يتربّص الدوائر على الشيعة ، ويختلق عليهم طامات كهذه. ثمّ يأتي شيعي ويمدح هذا الناصبي غير مكترث ، وهو يراه خنزيراً !!
وشتّان ما بين هذه الكلمات من ابن العربي وبين أدب الدين ، أدب العلم ، أدب التأليف ، أدب العفة ، أدب الدعاية والنشر. إنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً ، « يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ وَ لا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَ هُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْل ».
و ابن العربي قال عن إيمان أبي بكر وفضله أنّه يرجح على الأمّة جمعاء ، بما فيهم أمير المؤمنين وأهل بيت العصمة المطهّرون.
(الفتوحات المكيّة ، محي الدين ابن العربي : الباب الأحد و ثلاثمائة ، ج 4 ص 6.)
وادّعى المعراج لنفسه ، ويزعم أنّه رأى في المعراج مقام على أدون من مقام أبي بكر وعمر فقال لعلي : أنت الذي كنت ترى نفسك في الدنيا أشرف منهما.
(نقل عنه العلامة المجلسى في عين الحيوة.)
الى غير ذلك من الترّهات والكفريات.
وليست هذه النفثات إلا كتيت الإحن ، ونغران الشحناء. وإن شئت قلت: إنّها سكرة الحبّ ، وسرف المغالاة. قد أعمت الأهواء بصيرة ابن العربي ، فجاء بهذه المخاريق المخزية ، والأفائك المزخرفة ، بيّتها غير مكترثٍ لمغبة صنيعه ، ولا متحاشٍ عن معرة قيله.
ثمّ ياترى ! كيف ساغ للسيد الحيدري أن يعكف على باب إبن العربي هذا الرجل المتهوّك ، و ان يصنع من تراثه ثقلا ثانيا بديلا عن التراث الروائي الصادر من خزنة علم الله؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق