الجمعة، 29 أغسطس 2014

خطر الدعوة الى معرفة الله بمعرفة النفس (الشيخ علي الكوراني)

 
كان التصوف في الأمة وما زال تياراً قوياً وجذاباً ، وبسبب بُعده عن أهل البيت عليهم السلام كان الخطأ فيه أكثر من الصواب ، والكذابون أكثر من الصادقين ، ولقلقة اللسان أكثر من عقد الجنان .
أما دليله العلمي فأشهره منهج معرفة الله تعالى عن طريق معرفة النفس وقد نظَّرَ له المتأثرون بالفلسفة اليونانية وكتبوا فيه واستدلوا لها بآيات وأحاديث ، وهو الطريقة الأكثر رواجاً في قم والنجف وغيرهما .
ومن أعلامه السيد الطباطبائي صاحب تفسير الميزان رحمه الله وهذه فقرات من كلامه المطول في تفسيره:6/169: (في الغرر والدرر للآمدي عن علي عليه السلام قال: من عرف نفسه عرف ربه. أقول ورواه الفريقان عن النبي صلى الله عليه وآله أيضاً وهو حديث مشهور ، وقد ذكر بعض العلماء أنه من تعليق المحال ومفاده استحالة معرفة النفس لاستحالة الإحاطة العلمية بالله سبحانه. ورُدَّ أولاً، بقوله صلى الله عليه وآله في رواية أخرى:أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه. وثانياً،بأن الحديث في معنى عكس النقيض لقوله تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ . وفيه عنه عليه السلام : قال الكيِّس من عرف نفسه وأخلص أعماله...
وفيه عنه عليه السلام قال: المعرفة بالنفس أنفع المعرفتين. أقول: الظاهر أن المراد بالمعرفتين المعرفة بالآيات الأنفسية والمعرفة بالآيات الآفاقية، قال تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِى الأفَاقِ وَفِى أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَئٍْ شَهِيدٌ.(حم السجده:53)وقال تعالى: وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِى أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ.(الذاريات: 21). وكون السير الأنفسي أنفع من السير الآفاقي لعله لكون المعرفة النفسانية لاتنفك عادةً من إصلاح أوصافها وأعمالها بخلاف المعرفة الآفاقية....وهذا موقف علمي يهدي الإنسان إلى تكاليف ووظائف بالنسبة إلى ربه وبالنسبة إلى أبناء نوعه في الحياة الدنيا والحياة الآخرة ، وهي التي نسميها بالدين...
فتلخص مما ذكرنا أن النظر في الآيات الأنفسية والآفاقية ومعرفة الله سبحانه ، بها يهتدي الإنسان إلى التمسك بالدين الحق والشريعة الإلهية....
وفي الدرر والغرر عن علي عليه السلام قال: العارف من عرف نفسه فأعتقها ونزهها عن كل ما يبعدها . أقول: أي أعتقها عن إسارة الهوى وَرِقِّية الشهوات . وفيه، عنه عليه السلام قال: أعظم الجهل جهل الإنسان أمر نفسه...
وأما سائر الفرق المذهبية ، من الهنود كالجوكية أصحاب الأنفاس والأوهام ، وكأصحاب الروحانيات ، وأصحاب الحكمة ، وغيرهم ، فلكل طائفة منهم رياضات شاقة عملية لا تخلو عن العزلة وتحريم اللذائذ الشهوانية على النفس... وأما البوذية فبناء مذهبهم على تهذيب النفس ومخالفة هواها وتحريم لذائذها عليها ، للحصول على حقيقة المعرفة...
وأما الصابئون ، ونعني بهم أصحاب الروحانيات ، فهم وإن أنكروا أمر النبوة ، غير أن لهم في طريق الوصول إلى كمال المعرفة النفسانية طرقاً لا تختلف كثيراً عن طرق البراهمة والبوذيين...
وهؤلاء وإن اختلفوا فيما بين أنفسهم بعض الإختلاف في العقائد العامة الراجعة إلى الخلق والايجاد ، لكنهم متفقوا الرأي في وجوب ترويض النفس للحصول على كمال المعرفة وسعادة النشأة .
وأما المانوية من الثنوية ، فاستقرار مذهبهم على كون النفس من عالم النور العلوي وهبوطها إلى هذه الشبكات المادية المظلمة المسماة بالأبدان ، وأن سعادتها وكمالها التخلص من دار الظلمة إلى ساحة النور ، إما اختياراً بالترويض النفساني ، وإما اضطراراً بالموت الطبيعي المعروف.
وأما أهل الكتاب ونعني بهم اليهود والنصارى والمجوس ، فكتبهم المقدسة وهي العهد العتيق والعهد الجديد وأوستا ، مشحونة بالدعوة إلى إصلاح النفس وتهذيبها ومخالفة هواها...وأما الفرق المختلفة من أصحاب الإرتياضات والأعمال النفسية ، كأصحاب السحر والسيمياء ، وأصحاب الطلسمات وتسخير الأرواح والجن ، وروحانيات الحروف والكواكب وغيرها ، وأصحاب الإحضار وتسخير النفوس ، فلكل منهم ارتياضات نفسية خاصة تنتج نوعاً من السلطة على أمر النفس....
وجملة الأمر على مايتحصل من جميع ما مرَّ: أن الوجهة الأخيرة لجميع أرباب الأديان والمذاهب والأعمال هو تهذيب النفس بترك هواها ، والإشتغال بتطهيرها من شوب الأخلاق والأحوال غير المناسبة للمطلوب..
فالأعمال والمجاهدات والإرتياضات الدينية ترجع جميعاً إلى نوع من الإشتغال بأمر النفس...فظهر بهذا البيان أن الأديان والمذاهب على اختلاف سننها وطرقها تروم الإشتغال بأمر النفس في الجملة، سواء علم بذلك المنتحلون بها أم لم يعلموا...
إياك أن يشتبه عليك الأمر فتستنتج من الأبحاث السابقة أن الدين هو العرفان والتصوف، أعني معرفة النفس كما توهمه بعض الباحثين من الماديين.... والتأمل العميق في جميع الأديان والنحل يعطي أنها مشتملة نوع اشتمال على هذا الروح الحي حتى الوثنية والثنوية ، وإنما وقع الإختلاف في تطبيق السنة الدينية على هذا الأصل والإصابة والخطأ فيه...
واعلم أن عرفان النفس بغيةٌ عملية لايحصل تمام المعرفة بها إلا من طريق السلوك العملي دون النظري...).
 
نقد هذه الدعوة

ما ذكره قدس سره من الطريقين لمعرفة الله تعالى: النظر في الآفاق والنظر في الأنفس، مطلبٌ شائع بين العرفانيين والمتصوفة ، والظاهر أنهم أخذوه من قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِى الأفَاقِ وَفِى أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ . والبحث فيه متشعب ، نكتفي منه بملاحظات:
1- مما يدل على أن معرفة الله تعالى لا يمكن أن تتحقق إلا عن طريق الأئمة المعصومين عليهم السلام : أن الله تعالى عندما أرسل نبيه صلى الله عليه وآله وأنزل عليه كتابه ، فقد حدد طريق معرفته وعبادته بما أنزله على رسوله صلى الله عليه وآله . وعندما بلغ النبي صلى الله عليه وآله أمته فقال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، وأنهما لايفترقان الى يوم القيامة ، فقد حدد طريق معرفة الله تعالى وعبادته بهما. فالقرآن هو الأصل وأئمة العترة عليهم السلام هم الشرح . والقرآن هو الدستور وهم المفسرون الشرعيون له القُوَّام على تطبيقه . وبذلك انتهى الأمر ولم يبق مجال للفذلكة والفلسفة !
ودليل آخر على أن أهل البيت عليهم السلام بهم يُعْرفُ الله تعالى وبهم يُعبد: أن معرفته وعبادته تحتاج الى علم وتجسد عملي ، ولن تجد العلم الصحيح بالله إلا عندهم ، ولا التجسيد الصحيح لمعرفته تعالى وعبادته إلا فيهم . وقد رأيت أن الذين تركوهم افتقروا من العلم فالتجؤوا الى الحاخام كعب الأحبار ، فشبهوا الله تعالى وجسدوه ، ولم يقفوا في انحدارهم حتى جعلوا ربهم شاباً أمرد وعبدوه ! فأي فكر هذا ، وأي معرفة لخالق الكون ، وأي عبادة لرب العالمين؟!!
2- بحثَ فقهاؤنا الحد الأدنى الواجب من معرفة الله تعالى ، ولم يذكر أحد منهم أن من طرقه التأمل في النفس ! بل نصَّت الأحاديث الصحيحة على أن المعرفة من صنع الله تعالى ، ففي الكافي:1/163: (عن محمد بن حكيم قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام : المعرفة من صُنْع من هي؟ قال: من صُنع الله ليس للعباد فيها صنع) .
3- سند حديث: "من عرف نفسه فقد عرف ربه"غير تام ، وهو مروي عن النبي صلى الله عليه وآله ، وعن أمير المؤمنين عليه السلام ، وأقوى ما يستدل به لتصحيحه أن بعض علماء الحديث تلقاه بالقبول .
وعلى فرض صحته فهو يدل على أن الإنسان كلما عرف نفسه بالإمكان والنقصان ، عرف ربه بالوجوب والكمال ، فهو يدعو الى تركيز النظر على محدودية النفس ومحاسبتها ومكافحة العجب والغرور ، ولا يدل على أن معرفة النفس طريق معرفة الله تعالى .
بينما يريدون له أن يكون منهجاً للمعرفة ، وأن الإنسان يصل به الى مقامات ودرجات كدرجات الأولياء والأنبياء صلوات الله عليهم ! لأن الإنسان كما يدعون موضع تجلي الله تعالى وخليفته في أرضه..الخ. وهم بذلك ينفخون في ذاتيته ويوهمونه أنه ولي كبير لله تعالى ، أو إلهٌ صغير! وهذا نقيض معنى الحديث !
4- لو سلمنا أن مقولة معرفة الله تعالى عن طريق معرفة النفس، صحيحة وقطعية ، لكن الكلام فيما يحدث عندما ندعو اليها الناس !
إن الذي حدث وسيحدث أنك تقدم لعوام الناس ومتعلميهم باسم الدين ، دعوةً مبهمةً الى معرفة الله تعالى عن طريق معرفة أنفسهم والتأمل فيها ، وسرعان ما يجدوا فيها مشروعاً لتحقيق الذات وتضخيمها وادعاء صاحبها أنه بالإستغراق في نفسه سيملك طاقات عظيمة ، ويبلغ مقامات خيالية ! كما ترى في نماذجهم مع الاسف !
جاءني مجموعة شباب وكهول قالوا إنهم من (أهل السلوك والعرفان) ومن عاشقي الإمام المهدي عليه السلام الذين يأملون بالفوز بلقائه روحي فداه ، وأن يكونوا من أصحابه الخاصين ! فسألتهم عن دراستهم فأخذ يجيبني شيخهم بأنه درَّسهم عدداً من كتب العرفان لفلان وفلان، ومطالب من كتب ابن عربي ! وتعمدت أن أسمع منهم فسمعت كلام عوام متحفزين لتحقيق ذواتهم بهذا الحزب الجديد الذي دلهم عليه شيخهم! وقدَّرت أنهم أقرب الى المقاتلين والحرامية منهم الى المتدينين! لكن(شيخهم)لم يسمح لي أن أواصل الإستماع اليهم،فطرح مطلبه مني أن أعطيهم برنامجاً لمعرفة الإمام المهدي عليه السلام بالنورانية، حيث أكملوا معرفته بالولاية وبالطريقة الفلانية والفلانية ، ووصلوا الى معرفة الإمام عليه السلام بالنورانية ، فهم يريدون أن يروه صلوات الله عليه بالتجلي النوراني !
فأجبتهم: لا بأس، لكن أول البرنامج أن تمضي عليكم ستة أشهر لاتتركوا فيها واجباً ولا ترتكبوا فيها حراماً في عمل ولا قول ، وأن تتورعوا عن كل ما لا يليق بالأخيار ! وشرحت لهم خطأ أن يكون هدف الإنسان من العرفان مشاهدة منامات وعلامات وآيات عن المقام الذي وصل اليه،أو اللقاء بأولياء الله العظماء كالإمام المهدي أرواحنا فداه ، فإن صاحب هذه النية يعمل للدنيا وليس لله تعالى !
طبعاً لم يرتاحوا مني ! ولا أقول إنهم ضحايا دعوة العرفان عن طريق معرفة النفس ، بل ضحايا أنفسهم الأمارة ، وقد وجدوا في هذه الدعوة خصوبة لهواهم فتلبسوها !
عندما أقول لرجل أو امرأة: إنك تستطيع أن تكون من أهل السلوك والعرفان، ولا يكلفك ذلك إلا أن تعرف نفسك وتتأمل فيها فتُفَجِّر بذلك طاقاتها العظيمة! فعليَّ أن أدرك الى أين دفعت هذا الشخص!
إن حب الذات أقوى غرائز الإنسان ، واعتقاده بحصول العرفان ومقاماته بدون تحديد الوسائل والأهداف ، يجعله أمام خطر عبادة الذات وتعظيمها ، فيتخيل أنه وصل إلى الله تعالى وصار صاحب أسرار إلهية ! ويزين له الشيطان عالماً من نسج خياله ، ويدفعه الى الإدعاءات الباطلة ، أعاذنا الله وجميع المؤمنين .
أمَا كان الأحرى بدل ذلك أن توجهه الى العمل، وترك المحرمات وأداء الواجبات، وأن يدقق في مكسبه ومأكله ومشربه هل هو حلالٌ زكيّ أم خبيثٌ رديّ؟ وفي سلوكه مع من هم تحت يده ، هل هو لهم أبٌ رفيق ، أو أخٌ شفيق ، أم عليهم كالسبع الضاري ؟!
وفي عقائده بربه عز وجل ونبيه صلى الله عليه وآله وما أنزل الله عليه، وأئمته عليهم السلام وسيرتهم ومناقبهم . وإيمانه بآخرته ويقينه بها ، ومعايشته لعوالم عقيدته وأجوائها ؟! ونظرته الى لناس ورحمته لهم عامة، وحبه لمن كان له في رسول الله وآله صلى الله عليه وآله نصيب . وعمله لخدمتهم..الخ.
ومن جهة أخرى ، تنطوي دعوة الناس لمعرفة الله عن طريق التأمل بالنفس ، على خطر أن تصير أداةً لتعذيب الذات وسوء ظن الإنسان بنفسه والناس ، ثم تتحول حالة تعذيب الذات عند صاحبها أداة لقمع الآخرين وتعذيبهم باسم العرفان وتزكية النفس! وبإمكانك أن تجد في مدعي الإشتغال بالعرفان وتزكية النفس نماذج من القساة الذين يشتمون الناس في مواعظهم ، وكأنهم يثأرون منهم !
وفي كلتا الحالتين حالة تعظيم النفس وحالة تعذيبها ، يتضمن هذا السلوك خطورة أن ينسى أصحابه أولوية تطبيق أحكام الشريعة ! وينسى التعرف على طريقة أهل البيت عليهم السلام في معرفة الله تعالى .
5- من الأدلة الواضحة على أن دعوتهم عائمة مبهمة ، أنها تتسع للضد والنقيض في الأساليب والأهداف والقدوات ! فبعض دعوات معرفة الله عن طريق معرفة النفس تتبنى العزلة والرهبنة ، وبعضها يتبنى إصلاح النفس والمجتمع والعمل لتسلم السلطة، وبعضها يدعو إلى التقيد بأحكام الشريعة حسب هذا المذهب أو ذاك ، وبعضها يدعو إلى تقليد الأستاذ شيخ الطريقة أو أستاذ الأخلاق ، ويدعي له أنه متعمق في العرفان متصلٌ بالله تعالى فيُلهم العقائد والأحكام ولا يحتاج إلى شريعة ! وبعضهم لايحتاج الى نبوة !
وبعض الدعوات تجعل قدوتها بعض الصحابة أو الأولياء الذين لم يجعلهم الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله قدوة ! وبعضهم يجعل قدوته عرفاء ومتصوفة غير مسلمين.. إلى آخر أنواعهم .
ولهذا ، لو قلنا لإنسان إعرف الله تعالى عن طريق معرفة نفسك ، فمن حقه أن يسألنا: كيف؟ بجهادها زتعذيبها؟أو بتعظيمها ونفخها؟
أما عندما نقول له: إقتدِ بأستاذك حتى تصل الى الله تعالى ثم تصير أنت أستاذاً ! فنحن ندعوه الى معرفة الله تعالى بطاعة شخص والتحزب له ، وما أيسر أن يدخل الشيطان في هذا الحزب !
5- لاشك أن النظر في ملكوت السماوات والأرض، أي فيما يمكن للإنسان فهمه من خلقهما وقوانيهما ويأخذ العبرة منه، أمرٌ محبوب شرعاً ، يؤثر زيادة الإيمان بالله تعالى ومعرفته . قال تعالى: أَوَ لَمْ يَنْظُرُوا فِى مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شَئٍْ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ. (الاعراف:185) ، لكن لم أجد سنداً للحديث الذي ذكره رحمه الله :"المعرفة بالنفس أنفع المعرفتين"، وأستبعد أن يكون حديثاً أصلاً !
ثم إن نفس الإنسان جزءٌ من الملكوت والآفاق لاقسيمها ولا مقابلها ، فلماذا لايكون مقابل معرفة الله بالنفس معرفة الله بالله تعالى ، أو معرفته بأنبيائه وأوليائه ، وآياته الأخرى ، فلا وجه لحصر المقابلة بالتأمل بالآفاق.
وإذا شملت المعرفة بالسير الآفاقي معرفة الله بالله تعالى وبأوليائه عليهم السلام ، فلا يصح تفضيل معرفته عن طريق النفس عليها؟!
6- ما دامت معرفة النفس طريقاً إلى عبادة الله ، وما دامت عبادته عز وجل غاية الخلق وطريق التكامل الوحيد ، ولا تحصل إلا بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام . فالدعوة الى تطبيق الشريعة مقدم رتبةً على التأمل في النفس،وكذلك الإقتداء بالنبي وآله صلى الله عليه وآله ، فلا بد في الدعوة إلى العرفان من دعوة المسلم الى إطاعة الأحكام الشرعية حسب فتوى مرجع تقليده ، وأن يتخذ من النبي وآله صلى الله عليه وعليهم قدوة وأئمة في المسلك والسلوك . ولذا أجاب أحد الفقهاء الكبار شخصاً سأله: ما هو العرفان وكيف يكون الإنسان عارفاً ؟ فقال: هذه الأحكام الشرعية التي تطبقها يومياً فتصلي وتصوم وتقوم بالواجبات وبعض المستحبات ، وتترك المحرمات ، هي العرفان ، وأنت بسلوكك هذا تمارس المعرفة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق