الخميس، 18 سبتمبر 2014

كلمات العرفاء في التوحيد (الشيخ محمد باقر الملكي الميانجي)


كلمات العرفاء في التوحيد
 ألف - قال الفيض: 
 كيف لا يكون الله سبحانه كل الأشياء وهو صرف الوجود الغير المتناهي شدة وقوة وغنى وتماما؟! فلو خرج عنه وجود، لم يكن محيطا به لتناهي وجوده دون ذلك الوجود! تعالى عن ذلك. بل إنكم لو دليتم بحبل إلى الأرض السفلى، لهبط على الله. فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم . (1) 
 أقول: ما ذكره قول خطابي لا دليل علي شيء من مفاده. ويرد عليه:
 1 - إن فيه إلغاء مرتبة الإلهية والقيومية وتنزيله سبحانه في مرتبة من سواه مما يصدق عليه الشيء من خلقه، لوضوح أن ما هو قائم به تعالى، ليس في مرتبته تعالى كي يكون القول بشيء سواه تحديدا لله سبحانه. 

2 - يستحيل تنزله تعالى في مرتبة كل ما كان مصداقا للوجود والشئ. ضرورة أن من مصاديق الوجود والشئ من هو وما هو مركوز في حاق الفقر والعجز والذلة ومظلم الذات وميت الذات. فأي مشاركة وسنخية بينه تعالى وبين هذه الأنداد والأضداد؟ وكيف يكون تنزيهه تعالى عن هذه المرتبة تحديدا له تعالى؟! وكيف يكون دليلا على تناهيه وتحديده سبحانه؟! وضروري أن النسبة بينه تعالى وبين هذه المظلمات الذاتية بينونة حقيقية ولا مشاركة بينه تعالى وبينها بوجه من الوجوه. كما تقدم عن مولانا الرضا صلوات الله وسلامه عليه: وكنهه تفريق بينه وبين خلقه. وغيوره تحديد لما سواه . وكما تقدم عن مولانا علي أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: توحيده تمييزه. وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة . وما تقدم عنهم صلوات الله عليهم من أن الله تعالى خلو من خلقه وخلقه خلو منه.
3- إن معاشر الموحدين من أمة القرآن ومن أعاظم التوحيد الذين يعرفونه تعالى بحقيقة إيمانهم وعرفانهم ويعرفون في هذا الموقف الخطير الذي توجهوا فيه بكليتهم إلى الله سبحانه، أنه تعالى يستحيل أن يتنزل بمرتبة هذه الأخباث والأرجاس. ويعبدونه تعالى في نسكهم وعباداتهم ومناجاتهم وتضرعهم إليه. ويجدون أنه تعالى مقدس ومنزه من أن يكون كل الأشياء. ويجدونه معبودا ومستغاثا ومستجارا خارجا عن الحدين، حد التعطيل والتشبيه. ويعرفون أن هذا التعريف من فعله تعالى قد تفضل عليهم، ولا كيف لفعله. 
4 - من تأمل في القرآن الكريم يشهد ويعرف أن المتكلم بهذا الكلام محيط بجميع العوالم وما فيها من الخلائق، ويتكلم بكلام الكبراء والعظماء مثل أنا، نحن وإنا، ويخاطب جميع ما سواه من أهل العوالم بأنحاء من الخطابات ويوقفهم في موقف العبودية والمخلوقية. فتارة يتحنن على أوليائه ويقربهم منه ويبشرهم بكراماته وحنانه وفضله. وتارة يتكلم مع أعدائه ويحذرهم عن سخطه ويهددهم بسطواته. ويكلم جميع خلقه بلطائف من البيان ويستصلحهم بالهداية والرشاد ويستيقظهم من سكراتهم ويستخرجهم من الضلالات والجهالات بعنوان ألوهيته وكونه معبودا وملجأ ومستغاثا ومستجارا. ومع هذا كله ليس في القرآن ما يوهم أنه تعالى كل الأشياء أو شبيه ذلك، ولو على نحو الإشارة والكناية. فهو سبحانه يحمد نفسه ويمجدها ويعظمها ويقدسها عن كل سوء وشين. 
5 - إن إطلاق لفظ الوجود والشئ عليه تعالى وعلى غيره، إنما هو على سبيل الاشتراك اللفظي، كما صرح عليه أئمة أهل البيت عليهم السلام. وإن كل ما يوصف به المخلوق لا يوصف به الخالق. وكذلك كل ما يمجد ويعظم ويقدس به تعالى، لا يطلق على غيره تعالى بما له من المعنى. وأما استشهاده لقوله بقوله تعالى: فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم. (2) ففيه أن صدر الآية: لله المشرق والمغرب. فالآية الكريمة مسوقة لبيان مالكيته تعالى للمشرق والمغرب تكوينا وأن له تعالى الحكم والتصرف فيهما كيف شاء وأراد بحسب التشريع أيضا. وقوله تعالى: فأينما تولوا... تفريع مما تقدم من مالكيته للمشرق والمغرب. وقد رخص تعالى لعباده أن يولوا وجوههم أينما شاؤوا. وهذا مطلق يقيده قوله تعالى: فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره. (3) وهذا في الفرائض. فيكون قوله تعالى: أينما تولوا وجوهكم.... بمعنى: أينما تولوا وجوهكم في النوافل، فثم وجه الله. قال الجصاص: وروى معمر عن قتادة في قوله تعالى: فأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله قال: هي القبلة الأولى ثم نسختها الصلاة إلى المسجد الحرام . (4) أقول: الآية الكريمة من باب الإطلاق والتقييد كما ذكرنا وليست من باب النسخ. روى الشيخ الحر العاملي مسندا عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال له: استقبل القبلة بوجهك ولا تقلب بوجهك عن القبلة فتفسد صلاتك. فإن الله عز وجل يقول لنبيه في الفريضة: فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره و... (5) وروى أيضا: محمد بن الحسن في النهاية عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: فأينما تولوا فثم وجه الله قال: هذا في النوافل خاصة في حال السفر. فأما الفرائض، فلا بد فيها من استقبال القبلة . (6) وروى الطبرسي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في الآية المبحوثة عنها: فإن هذه الآية عندنا مخصوصة بالنوافل في حال السفر . (7) قال الفيض: ولله المشرق والمغرب يعني ناحيتي الأرض، أي له كلها. فأينما تولوا فثم وجه الله . قيل: أي: ذاته، إذ لا يخلو منه مكان . (8) أقول: يوهم كلامه صدرا وذيلا وسياقا اختياره هذا القول. ويرد عليه أنه لا دلالة في الآية الكريمة على شيء من ذلك ولم يطلق لفظ الوجه على ذاته سبحانه في القرآن. بل الظاهر من لفظ الوجه في القرآن هو ما يتوجه به إلى الله ويتقرب به إليه سبحانه. قال تعالى: وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله. (9) فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون. (10) ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون. (11) أقول: قد نهى الله سبحانه أن يدعا مع الله إله آخر وقوله تعالى: كل شيء هالك... في مرتبة التعليل للنهي المذكور في صدر الآية. والمراد من الهالك ما هو بمعنى اسم الفاعل بحسب اللغة، أي: كل شيء يهلك ويفنى، لا الهالك الذاتي بالمعنى الاصطلاحي. ضرورة أنه لا يجوز تفسير القرآن بالمعاني المصطلحة والمستحدثة بعد قرون من الإسلام. أي: أنتم وعباداتكم والآلهة التي تعبدونها من دون الله وجميع ما سواه تعالى هالك إلا وجه الله الذي تتقربون وتتوجهون به إلى الله سبحانه من الأعمال الصالحات الباقيات. وقد وردت عدة كثيرة من الروايات في تفسير الوجه بهذا المعنى وفي بعضها أن وجه الله هو دين الله، وفي بعضها أنه النبوة، وفي بعضها أنه الإمام، إلى غير ذلك من المصاديق: روى الصدوق مسندا عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قول الله عز وجل: كل شيء هالك إلا وجهه قال: فيهلك كل شيء ويبقى الوجه؟! إن الله أعظم من أن يوصف بالوجه، ولكن معناه: كل شيء هالك إلا دينه والوجه الذي يؤتى منه. (12) وروى أيضا مسندا عن صفوان الجمال: عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: كل شيء هالك إلا وجهه قال: من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد والأئمة من بعده صلوات الله عليهم، فهو الوجه الذي لا يهلك، ثم قرأ: من يطع الله الرسول فقد أطاع الله. (13) وروى أيضا مسندا عن الحارث بن المغيرة النصري قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: كل شيء هالك إلا وجهه قال: كل شيء هالك إلا من أخذ طريق الحق. (14) وروى الكليني مسندا عن مروان بن صباح قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله خلقنا فأحسن صورنا. وجعلنا عينه في عباده و... وجهه الذي يؤتي منه. (15) وفي هذا الباب روايات كثيرة من أرادها فليراجعها. وفيها شهادة ودلالة على أن الوجه في هذه الآية الكريمة وكذلك في غيرها من الآيات، ليس بمعنى ذاته تعالى. وفيها تصريح أيضا على أن الوجه في القرآن الكريم لم يطلق على الذات. ومن العجيب أن المحقق الكاشاني بعد ذكره عدة من الروايات قال: وربما يفسر الوجه بالذات وليس بذلك البعيد . (16) ومما ذكرنا من البيان اتضح تفسير قوله تعالى: كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. (17) ويزيد الأمر هنا وضوحا بأن الوجه الباقي فيها قد ذكر في مقابل ما هو الفاني على الأرض. فلا محالة يكون الوجه الباقي من جملة ما هو على ظهر الأرض. والله سبحانه يجل ويعظم عن مقايسته بما هو الفاني على الأرض واستثنائه سبحانه من جملة ذلك الفاني. قال الزمخشري: وقرأ عبد الله: ذي على صفة ربك . (18) ومما ذكرنا يعلم أن هذه الآية الكريمة لا تصلح للاستدلال بها على أن الوجه المذكور فيها بقرينة ذو الجلال والإكرام هو ذات الله سبحانه. وأما استدلاله بالحديث الذي أورده في المقام لو دليتم بحبل إلى الأرض... فهو في غاية الضعف. فإنه مرسل لم يعلم راويه ولا وثاقته. هذا أولا. وثانيا: قدت تقرر في علم الأصول أن كل خبر واحد واجد لشرائط الحجية في باب الأحكام، لا يمكن أن يكون حجة في باب المعارف والحقائق والموضوعات، فكيف بضعافه ومرسلاته، نعم، لا يجوز القول ببطلانه ورده بل اللازم السكوت عنه وإيحاله إلى الله وأوليائه، على أن فيه دلالة على تنزله تعالى في مرتبة الأجسام. وذلك يوجب لاصطكاك بينه تعالى وبين ما سواه، وتعالى الله عن ذلك. وأما الاستدلال بما رواه الصدوق، مسندا عن ابن محبوب، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رجل عنده: الله أكبر فقال: الله أكبر من أي شيء؟ فقال: من كل شيء. فقال أبو عبد الله عليه السلام: حددته. فقال الرجل: كيف أقول؟ فقال: قل: الله أكبر من أن يوصف. (18) ففيه أن الحديث المذكور لا يدل على سعة الوجود ووحدته وصرافته، بل مراده عليه السلام أن صيغة أفعل في صفاته تعالى منسلخ عن التفاضل. وغرضه عليه السلام في الله أكبر وأمثاله تنزيهه تعالى من هذا التوصيف، أي المشاركة بينه تعالى وبين ما سواه في هذا النعت. فيفيد تنزيهه تعالى عن صفات جميع ما سواه. لأن التفاضل يقتضي المشاركة بين المتفاضلين، أي مشاركة غيره تعالى معه سبحانه في مورد النعت المذكور كي يكون تعالى أكبر منه، تعالى الله عن ذلك. وبعبارة أخرى: التفاضل متوقف على وحدة المرتبة بن المتفاضلين وليس شيء مما سواه تعالى في مرتبته جل ثناؤه. وقال الفيض: وجود الممكنات ليس يغاير الوجود الحق الباطن المجرد عن الأعيان والمظاهر إلا بنسب واعتبارات كالظهور والتعين والتعدد الحاصل بالاقتران وقبول حكم الاشتراك ونحو ذلك من النعوت التي تلحقه بواسطة التعلق بالمظاهر. فللوجود اعتباران: أحدهما من حيث كونه وجودا فحسب وهو الحق وإنه من هذا الوجه لا كثرة فيه ولا تكرير ولا صفة ولا نعت ولا اسم ولا رسم ولا نسبة ولا حكم بل وجود بحت.

والاعتبار الآخر من حيث اقترانه بالممكنات وشروق نوره على أعيان الموجودات. وهو سبحانه إذا اعتبر تعين وجوده مقيدا بالصفات اللازمة لكل متعين من الأعيان الممكنة، فإن ذلك التعين والتشخص يسمى خلقا وسوى، وينضاف إليه سبحانه إذ ذاك كل وصف ويسمى بكل اسم ويقبل كل حكم ويتقيد بكل رسم ويدرك بكل مشعر من بصر وسمع وعقل وفهم. وذلك لسريانه في كل شيء بنوره الذاتي المقدس عن التجزي والانقسام والحلول في الأرواح والأجسام، ولكن كل ذلك متى أحب وكيف شاء. وهو في كل وقت وحال قابل لهذين الحكمين المذكورين المتضادين بذاته لا بأمر زائد عليه. (19) أقول: أساس القرآن الكريم والعلوم الإلهية في باب معرفته تعالى وتوحيده وصفاته ونعوته جل ثناؤه على المعرفة الفطرية الضرورية. وهذه المعرفة التي هي صنعه الحكيم وفعله الجميل ليست إلا بتعريفه تعالى نفسه إلى عباده وليس للعباد فيها صنع - وقد تفضل تعالى بها عليهم - وليست بتصور وتعقل وتوهم وإثبات منهم، وليست من باب كشف ما كان مجهولا ومشكوكا. وإنما هي معرفة الرب بالرب، كما بسطنا الكلام في ذلك مستوفى في باب معرفته تعالى وتوحيده. وإثباته تعالى بالآيات والعلامات، ليس من باب إثبات أمر مجهول ومشكوك بالبرهان المنطقي. ولا يحتاج إثبات آيتية الآيات ومخلوقية العلامات إلى جدال وخصام وإقامة برهان على أنها مجعولة ومخلوقة لله سبحانه. ولا يحتاج أيضا إلى مكاشفة الصوفي. وليست الآيات والعلامات معلولات للعلة الأولى ولا من تطورات الحق الأول وتنزلاته وتعيناته وإنما هي مخلوقات ومصنوعات ومدبرات بالبداهة.

ومرجع الاستدلال بالآيات على الصانع سبحانه وإثباته بها ليس إلا التذكر والتنبيه على ما يعرفه الإنسان بالفطرة وقد نسيه وغفل عنه بعوامل تضاده وتزاحمه من تربية الآباء والأمهات. والأباطيل والأضاليل الدائرة في الاجتماع، وتغلب الفراعنة والجبابرة والمستكبرين الذين لا يزالون يتلاعبون بالحقائق الثابتة، لا أن الآيات معرفة إياه وكاشفة عنه سبحانه. ونتيجة هذا الاستدلال بروز المعرفة الفطرية المنسية وإخراج الصانع عن الحدين. فهذا الاستدلال إرشاد وتذكرة وتأييد وتثبيت لما كانوا يعرفونه. والأنبياء والربانيون مذكرون لا مصيطرون. فالاستدلال بالآيات متأخرة عن المعرفة الفطرية رتبة. وحيث إنه سبحانه تجلى لخلقه بخلقه وتعرف إلى عباده بآياته والناس لا يقدرون على استقصاء آياته وعلامات، فأشد الناس معرفة بالله وكمالاته ونعوته، هو أقدرهم وأقواهم على التدبير والتفكر في خلقه وأعلمهم بصنعه تعالى وسننه سبحانه. فتحصل أن الله سبحانه أجلى وأوضح من أن يعرف بخلقه. فهو الشاهد على نفسه وتوحيده وكمالاته وقدسه وعلوه وامتناعه عن كل ما يقولون. وهو الشاهد على استحالة تشبيهه بخلقه وتطوره بأطوار خلقه وتنزله في مرتبة مخلوقاته وتعينه بحدودها وقبوله الأحكام الجارية على ما سواه سبحانه.
 ب - قال المولى المحقق صدر الدين الشيرازي: 
تنبيه: إياك أن تزل قدمك من استماع هذه العبارات وتتوهم أن نسبة الممكنات إليه تعالى بالحلول والاتحاد ونحوهما. هيهات! إن هذه يقتضي الاثنينية في أصل الوجود. وعندما طلعت شمس الحقيقة وسطع نورها النافذ في أقطار الممكنات، المنبسط على هياكل المهيات، ظهر وانكشف أن كلما يقع عليه اسم الوجود ليس إلا شأنه من شؤون الواحد القيوم، ولمعة من لمعات نور الأنوار. وما وضعناه أولا بحسب النظر الجليل من أن في الوجود علة ومعلولا أدى بنا أخيرا من جهة - وهو نمط أخرى من جهة السلوك العلمي والنسك العقلي - إلى أن المسمى بالعلة هو الأصل والمعلول شأن من شؤونه وطور من أطواره، ورجعت العلية والإفاضة إلى تطور المبدأ الأول بأطواره وتجليه بأنواع ظهوراته . (20)
 أقول: يرد عليه جميع ما أوردناه من المناقشة على مقالة المحدث الكاشاني. وليت شعري كيف غفل هذا الفيلسوف الكبير ونزله تعالى عن مرتبة الألوهية والقيومية إلى مرتبة ما هو قائم به سبحانه؟! كيف وهو سبحانه مهيمن على كل شيء وعلى كل نفس بما كسبت؟! ولا يكون شيء إلا أن يكون أجل وأعلى مقاما منه؟! وكيف يكون هذا المتطور سبوحا قدوسا مستترا في نور القدس؟! على أنا نسأل: ما حقيقة هذا التطور؟ هل كان تعالى متطورا من الأزل؟ أو لم يكن ثم تطور؟ فعلى كل الفرضين فما الفائدة والعائدة في هذا التطور؟ وهل كانت فيه تعالى نقيصة أو ضايعة أراد بالتطور استدراكها واستكمالها؟! وهل كان تعالى يتمنى منزلة ومكانا كان فاقدا لها وأراد بالتطور نيلها ووجدانها؟! والتنزل عن مرتبة القدس والكبرياء والعظمة لا يجوز للفاعل الحكيم الغير المجازف بأي فرضية افترضوها وبأي توجيه وجهوه. ونسأل أيضا: هل كان التطور صادرا منه تعالى وكان تعالى فاعله بالعناية أو كان فاعله بالرضا؟ وعلى كلا الوجهين لا يكون التطور فعلا عمديا واختياريا له تعالى لفائدة وغاية حكيمة معقولة. وكيف كان فهذه المقالة مخالفة للفطرة المقدسة الإلهية التي لا تتبدل ولا تتغير بهذه الفرضيات الوهمية. وهذه حجة الله الغالبة وبرهانه النوري على كل من خالفها وأعرض عنها.
(الهوامش):
(1) عين اليقين / 305. (*) 
 (2) البقرة (2) / 115. 
(3) البقرة (2) / 144. 
(4) أحكام القرآن 1 / 77. 
(5) وسائل الشيعة 3 / 227. (*)
 (6) المصدر السابق / 242. 
(7) مجمع البيان 1 / 228. 
(8) تفسير الصافي / 46. 
(9) البقرة (2) / 272. 
(10) الروم (30) / 38. 
(11) القصص (28) / 88. (*)  
 (12) التوحيد / 149. 
(13) المصدر السابق / 149. 
(14) المصدر السابق / 149. 
(15) الكافي 1 / 144. (*) 
(16) تفسير الصافي / 411. 
(17) الرحمن (55) / 26 و27. 
(18) التوحيد / 313. (*) 

(19) عين اليقين / 246. (*)
(20) المشاعر / 83. (*)
المصدر: توحيد الامامية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق