أمّا الآيات فعلى طوائف
منها
ما فيها لفظ « خَلَقَ » كقوله تعالى :
«
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَا فِي الاْءَرْضِ جَمِيعاً »(90) .
«
إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ والاْءَرْضَ فِي سِتَّةِ
أَيَّامٍ »(91) .
«
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاْءَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ »(92) .
«
الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاْءَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
»(93) .
«
أَوَلاَ يَذْكُرُ الاْءِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً
»(94) .
«
اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ »(95) .
ومنها
ما فيها لفظ « بَدأ » كقوله تعالى :
«
إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ »(96) .
«
قُلِ اللّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ »(97) .
«
أَوَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ »(98) .
ومنها
ما فيها لفظ « بديع » كقوله تعالى :
«
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالاْءَرْضِ »(99) .
«
بَدِيعُ السَّماوَاتِ وَالاْءَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ »(100) .
ومنها
ما فيها لفظ « انشأ » كقوله تعالى :
«
هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالاْءَبْصَارَ
وَالاْءَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ »(101) .
«
هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ
وَالزَّرْعَ »(102) .
والحاصل
: إنّ الآيات الدالّة على حدوث خلق السماوات والأرضيين و ما بينهما ـ عموماً و
خصوصاً ـ كثيرة جدّاً .
ويتبيّن
لكلّ من يتتبّع كلام العرب وموارد استعمالاتهم وكتب لغتهم أنّ أالفاظ « الخلق » و«
الإبداء » و« الإبداع » و« الإيجاد » و« الإحداث » و« الفطر » و« الاختراع » و«
الصّنع » و« الجعل » ، لاتُطْلق إلا على الإيجاد بعد العدم(103) .
وقال
المحقق الطوسي في شرح الإشارات :
الصّنع
: إيجاد شيء مسبوق بالعدم ، وفي اللغة : الإبداع الإحداث ، ومنه « البدعة »
لمحدثات الأمور ، وفسّروا الخلق بإبداع شيء بلا مثال سابق (104) .
كلام أهل اللغة في تفسير هذه التعابير القرآنية
وجدير بنا أن
ننقل كلام بعض أهل اللغة ليظهر لك حقيقة ما ذكرناه .
لفظ
« بدأ » :
في
أقرب الموارد : بَدَاتُ بالشيء بدأً وابتدأتُه وبه وتَبَدّأتُ به : افتتحتهُ .
البدأ
: افتتاح الشيء والأوّل والابتداء(105) .
وفي
مجمع البحرين : بدأتُ الشيء : فعلته ابتداءا(106) .
وفي
لسان العرب : بَدأتُ الشيءَ : فعلته ابتداءا .
البدء
والبديء : الأوّل .
البدء
: فعل الشيء الأوّل .
بدأ
: في أسماء اللّه عزّوجلّ المُبْدئ : هو الذي أنشأ الأشياء واخترعها ابتداءا من
غير سابق مثال(107) .
لفظ
: « خَلَقَ » :
في
لسان العرب : الخلق في كلام العرب : ابتداع الشيء على مثال لم يُسْبَق إليه وكلّ
شيء خَلَقَه اللّه فهو مبتَدِئه على غير مثال سبق إليه :
«أَلا
لَه الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبارَكَ اللّه أَحْسَن الخالِقين» .
ابن
سيده : خلق اللّه الشيء يخلقه خلقا ، أحدثه بعد أن لم يكن(108) .
وقال
في النهاية : في لغة خَلَقَ : في أسماء اللّه تعالى : الخالق ، وهو الذي أوجد
الأشياء جميعها بعد أن لم تكن موجودة(109) .
وفي
أقرب الموارد : خَلَقَ الشيء : أوجده وأبدعه على غير مثال سبق(110) .
لفظ
« أنشأ » :
في
لسان العرب : أنشَأَه اللّه : خَلَقَه .
أنْشَأ
اللّه الخلق أيْ ابتدأ خلقَهم .
وقال
الزجاج في قوله تعالى : « وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ
جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ »(111) : أي ابتدعها
وابتدأ خلقَها(112) .
وفي
مجمع البحرين : قوله تعالى : « وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ » أي ابتدأكم وخلقكم
وكل من ابتدأ شيئاً فقد أنشأه ، ومثله : أنشأ جنّات معروشات وينشئ السحاب الثقال(113)
.
وفي
أقرب الموارد : أنْشَأ الشيء : أحدثه .
أنشأ
اللّه الخلقَ : ابتدأ خلقهم .
أنشَأ
اللّه الشيء : خلقه(114) .
وفي
مجمع البيان : الإنشاء : إحداث الفعل ابتداءا لا على مثالٍ سبق ، وهو كالابتداع .
وقال
في قوله تعالى : « وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ »(115) أي خلق وابتدع
لا على مثال(116) .
لفظ
« بدع » :
في
أقرب الموارد : بَدَعه وأبْدَعَهُ وابْتَدَعَهُ كلها بمعنى اخترعه لا على مثال .
البِدْعَةُ
: ما اختُرع على غير مثالٍ سابق(117) .
وفي
لسان العرب : بدع الشيء يبدعُهُ بَدْعاً وابتدعه : أنْشَأه وبدأه .
البديعُ
والبِدْعُ : الشيء الذي يكون أوّلاً .
وفي
التنزيل : « قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ »(118) أي ما كنتُ
اوّل من أُرسِل ، قد أُرْسِلَ قبلي رُسُلٌ كثيرٌ .
فلانٌ
بِدْعٌ في هذا الأمر أي أوّل لم يسبقه أحدٌ .
ابتدعتُ
الشيءَ : اخترعتُه لا على مثال .
بديع
السموات والأرض : أي خالقها ومبدعها فهو سبحانه الخالق المخترع لا عن مثالٍ سابقٍ(119)
.
وفي
مجمع البحرين : بدع : ما كنت بدعاً من الرسل ، أي ما كنت بدءاً من الرسل أي ما كنت
أوّل من أُرسل من الرسل ، قد كان قبلي رسل كثيرة .
بديع
السماوات والأرض . . : أي مبدعهما وموجد لهما من غير مثال سابق(120) .
وفي
كتاب العين : البدع : إحداث شيء لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولا معرفة .
واللّه
بديع السموات والأرض : ابتدعهما ولم يكونا قبل ذلك شيئاً يتوهمهما متوهم ، وبدع
الخلق .
البدع
: الشيء الذي يكون أولاً في كل أمر ، كما قال اللّه عزّوجلّ : «
قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ »(121) أي لست أوّل مرسل(122)
.
والحاصل : إنّ المستفاد من كتب اللغة أنّ لفظ « بدع » مختص بالإيجاد الابتدائي
أي الإيجاد بعد العدم ، ولا يستعمل في الإيجاد من شيء (123).
سائر الأَلفاظ :
ولا يخفى إنّ
المعنى الذي ذكرناه في « بَدَءَ » و« خَلَقَ » و« بَدَعَ » هو نفس المعنى المستفاد
من سائر الكلمات ـ أي « الإيجاد » و« الإحداث » و« الاختراع » . . . ـ على ضوء كتب
اللغة .
وهذا
المعنى هو الظاهر والمتبادر من هذه الكلمات بلا احتياج إلى قرينة وبالرجوع إلى كتب
اللغة وموارد استعمالاتهم يحصل الاطمئنان بأنها لا تطلق إلاّ على الإيجاد بعد أن
لم يكن . . أي الخلق الابتدائي ، وفهم المعنى الآخر يحتاج إلى قرينة .
فالمعنى
الأوّل والمتبادر من هذه الكلمات هو الخلق الابتدائي أي الإيجاد بعد العدم .
وسنذكر
الأحاديث الكثيرة الصريحة في هذا المعنى وانّها تصدّق الظهور المستفاد من الآيات .
ولا
يبقى ريب فيما قلناه لمن تتبع الآيات والأخبار ، كقوله عليهالسلام : « لا من شيء فيبطل الاختراع ولا لعلّة فلا يصحّ الابتداع »(124) كما قد وقع
التصريح بالحدوث بالمعنى المعهود في أكثر النصوص الآتية بحيث لا تقبل التأويل ،
وبانضمام بعضها مع بعض يحصل القطع بالمراد .
فعلى
هذا إنّ التأمّل في الآيات المتظافرة والأحاديث المتواترة بأساليب مختلفة تسبّب
حصول القطع بالحدوث بالمعنى الذي أسلفناه .
الأحاديث الصريحة الدالّة على حدوث ما سوى اللّه تعالى
أمّا
الروايات الدالة على وقوع التفكيك بينه تعالى وبين ما سواه وأنّ جميع ما سوى
اللّه حادث بمعنى انتهاء أزمنة وجودها في الأزل إلى حدّ وينقطع وأنّها كائنة بعد
أن لم يكن بعديّة حقيقية لا بالذات فقط فمتواترة جدّاً كما لا تخفى على العارف
بالأخبار .
ونحن
نذكر الآن جملة منها ، ولكن قبل سرد الروايات لابد من الاشاره إلى أنّ البحث الذي
نحن الأن بصدد بيانه هو حول الدليل النقلي مع قطع النظر عن الدليل العقلي ، وإن
كان بعض الأدلّة النقلية الآتية متضمنة للدليل العقلي أيضاً .
*
روى الشيخ الطبرسي ـ ومن سؤال الزنديق الذي سأل أبا عبد اللّه عليهالسلام عن
مسائل كثيرة . . ـ :
إنّه
قال الزنديق : من أيّ شيء خلق اللّه الأشياء ؟
قال
عليهالسلام : « لا من شيءٍ » .
فقال
: كيف يجيء من لا شيء شيء ؟
قال
عليهالسلام : « إنّ الأشياء لا تخلو ، إمّا أن تكون خلقت من شيء أو من غير شيء ،
فإن كان خلقت من شيء كان معه ، فإن ذلك الشيء قديم ، والقديم لا يكون حديثاً ولا
يفنى ولا يتغيّر . . » .
إلى أن قال
الزنديق : فمن أين قالوا إنّ الأشياء أزليةٌ ؟
قال
: « هذه مقالة قوم جحدوا مدبّر الأشياء فكذّبوا الرسل ومقالتهم
والأنبياء وما أنبأوا عنه ، وسمّوا كتبهم أساطير ، ووضعوا لأنفسهم ديناً بآرائهم
واستحسانهم . . . لو كانت قديمة أزليّة لم تتغيّر من حال إلى حال ، وإنّ الأزلي لا
تغيّره الأيام ولا يأتي عليه الفناء »(125) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله :
بيان
: « والقديم لا يكون حديثاً . . » ، أي ما يكون وجوده أزلياً لا يكون محدثاً
معلولاً فيكون الواجب الوجود بذاته ، فلا يعتريه التغيّر والفناء .
وقد
نسب إلى بعض الحكماء أنه قال : المبدع الأوّل هو مبدع الصور فقط دون الهيولى ،
فإنّها لم تزل مع المبدع . . فأنكر عليه سائر الحكماء ، وقالوا : إنّ الهيولى لو
كانت أزليّة قديمة لما قبلت الصور ، ولما تغيّرت من حال إلى حال ، ولما قبلت فعل
غيرها . . إذ الأزليّ لا يتغيّر(126) .
*
عن إلامام أمير المؤمنين علي عليهالسلام أنه قال :
« الحمد للّه خالق العباد ، وساطع المهاد ، ومسيل الوهاد ، ومخصب
النجاد ، ليس لأوليّته إبتداء ، ولا لأزليّته انقضاء ، هو الأوّل لم يزل ، والباقي
بلا أجل . . »
إلى أن قال
عليهالسلام :
« لم يخلق الأشياء من أصول أزليّة ولا من أوائل أبديّة ، بل خلق ما
خلق فأقام حدّه وصوّر ما صوّر فأحسن صورته . . »(127).
أقول : إنّ صراحة
قوله عليه السلام : « لم يخلق الأشياء من أصول أزلية » واضحة ومبيّنة
لحدوث العالم بشكل لا يقبل التأويل بأيّ وجه من الوجوه .
*
روى الصدوق رحمهالله ـ مسنداً ـ عن أبي اسحاق اللّيثي ، قال : قال لي أبو جعفر
محمدّ بن علي الباقر عليهماالسلام :
« يا ابراهيم ! إنّ اللّه تبارك وتعالى لم يزل عالماً قديماً ، خلق
الأشياء لا من شيء ، ومن زعم أنّ اللّه تعالى خلق الأشياء من شيء فقد كفر ؛ لأنه
لو كان ذلك الشيء الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته وهويّته كان ذلك الشيء
أزليّاً ، بل خلق اللّه تعالى الأشياء كلّها لا من شيء . . »(128) .
* روى الصدوق
رحمهالله ـ مسنداً ـ عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت عند أبي جعفر الثاني
عليهالسلام فسأله رجل فقال : أخبرني عن الربّ تبارك وتعالى له أسماء وصفات في
كتابه فأسماؤه وصفاته هي هو ؟
فقال
أبو جعفر عليه السلام :
« . . . إن كنت تقول : لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ
اللّه أن يكون معه شيء غيره ، بل كان اللّه ولا خلق ثمّ خلقها وسيلة بينه وبين
خلقه يتضرّعون بها إليه ويعبدونه وهي ذكره ، وكان اللّه ولا ذكر ، والمذكور
بالذكر هو اللّه القديم الذي لم يزل »(129) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمه الله :
هذا
صريح في نفي تعدد القدماء ، ولا يقبل تأويل القائلين بمذاهب الحكماء(130)
.
*
روى الصدوق رحمهالله ـ مسنداً ـ عن جابر الجُعْفي قال : جاء رجلٌ من علماء أهل
الشام إلى أبي جعفر عليهالسلام فقال : جئت أسألك عن مسألة لم أجد أحداً يُفسّرها
لي ، وقد سألت ثلاثة أصناف من الناس فقال كلّ صنف غير ما قاله الآخر !
فقال
أبو جعفر عليهالسلام : « وما ذلك ؟ »
فقال : أسألك
ما أوّل ما خلق اللّه عزّوجلّ من خلقه ؟ فإنّ بعض من سألته قال : القدرة ، وقال
بعضهم : العلم ، وقال بعضهم : الروح .
فقال
أبو جعفر عليهالسلام :
« ما قالوا شيئاً ، أُخبرك أنّ اللّه علا ذكره كان ولا شيء غيره ،
وكان عزيزاً ولا عزّ ، لأنه كان قبل عزّه ، وذلك قوله : «
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ »(131) وكان خالقاً ولا مخلوق ، فأول شيء خلقه من خلقه الشيء الذي جميع
الأشياء منه وهو الماء » .
فقال السائل :
فالشيء خلقه من شيء أو من لا شيء ؟
فقال
عليهالسلام :
« خلق الشيء لا من شيء كان قبله ، ولو خلق الشيء من شيء إذاً لم يكن
له انقطاعٌ أبداً ، ولم يزل اللّه إذاً ومعه شيء ، ولكن كان اللّه ولا شيء معه
فخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه وهو الماء »(132) .
وقال العلاّمة
المجلسي رحمه الله :
هذا
الخبر نصّ صريح في الحدوث ولا يقبل التأويل بوجه(133) .
*
ورواه الكليني مسنداً عن محمدّ بن عطية عن أبي جعفر عليهالسلام قال :
« . . . أُخبرك أن اللّه تعالى كان ولا شي غيره ، وكان عزيزاً ولا
أحد كان قبل عزّه ، وذلك قوله : « سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ
الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ »(134) وكان
الخالق قبل المخلوق ولو كان أوّل ما خلق من خلقه ، الشيء من الشيء إذاً لم يكن له
انقطاع أبداً ولم يزل اللّه إذاً ومعه شيء ، ليس هو يتقدّمه ، ولكنه كان إذ لا
شيء غيره ، وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه وهو الماء الذي خلق الأشياء منه ،
فجعل نسب كل شيء إلى الماء ولم يجعل للماء نسباً يضاف إليه . . »(135)
.
قال العلاّمة
المجلسي رحمه الله :
توضيح
: قوله عليهالسلام : « ولو كان أوّل ما خلق . . » أي لو كان كما
تزعمه الحكماء : كل حادث مسبوق بمادّة ، فلا يتحقق شيء يكون أوّل الأشياء من
الحوادث ، فيلزم وجود قديم سوى اللّه وهو محال(136) .
*
عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام أنه قال :
« لا تصحبه الأوقات ولا تَرْفِدُهُ الأدوات ، سَبَقَ الأوقاتَ كونُهُ
، والعدمَ وجودُه ، والابتداء أزله . . »
إلى أن قال
عليها السلام :
« لا يجري عليه السكون والحركة ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه ، ويعود
فيه ما هو أبداه ، ويحدث فيه ما هو أحدثه ؟ ! إذاً لتفاوتت ذاته ، ولتَجَزَّأَ
كُنهه ولامتنع من الأزل معناه . . . »
إلى أن قال
عليها السلام :
« يقول لما أراد كونه : كن فيكون ، لا بصوت يقرع ، ولا نداء يسمع ،
وإنما كلامه سبحانه فعلٌ منه أنشأهُ ومثَّلهُ ، لم يكن من قَبل ذلك كائناً ، ولو
كان قديماً لكان إلهاً ثانياً » .
« لا يقال كان بعد أن لم يكن فتجري عليه الصفات المحدثات ولا يكون
بينها وبينه فصل ، ولا له عليها فضل فيستوي الصانع والمصنوع ، ويتكافأ المبتدع
والبديع . . . »
إلى أن قال :
« هو المفني لها بعد وجودها حتى يصير موجودها كمفقودها ، وليس فناء
الدنيا بعد ابتدائها بأعجب من إنشائها واختراعها ، كيف ولو اجتمع جميع حيوانها من
طيرها وبهائمها وما كان من مراحها وسائمها وأصناف أسناخها وأجناسها ومتبلّدة
أُممها وأكياسها على إحداث بعوضة ما قدرت على إحداثها ، ولا عرفت كيف السبيل إلى
إيجادها ، ولتحيّرت عقولها في علم ذلك وتاهت ، وعجزت قواها وتناهت ، ورجعت خاسئة
حسيرة عارفة بأنها مقهورة مقرّة بالعجز عن إنشائها ، مذعنة بالضعف عن إفنائها .
وإنه يعود سبحانه بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه كما كان قبل
ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها ، بلا وقت ولا مكان ولا حين ولا زمان ، عُدمت عند
ذلك الآجال والأوقات وزالت السنون والساعات فلا شيء إلاّ اللّه الواحد القهار »(137)
.
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله في شرح قوله عليهالسلام : « ولو
كان قديماً لكان إلهاً ثانياً . . » :
هذا صريح في
أنّ الإمكان لا يجامع القدم ، وأنّ الإيجاد إنما يكون لما هو مسبوق بالعدم ،
فالقول بتعدّد القدماء مع القول بإمكان بعضها قول بالنقيضين(138) .
وقال
في موضع آخر في شرح هذه الفقرة :
يدلّ
على أن القدم ينافي الإمكان ، وأنّ القول بقدم العالم شرك(139) .
وقال
رحمهالله ـ في شرح قوله عليهالسلام : « كما كان قبل ابتدائها .
. » ـ :
صريح في حدوث
ما سوى اللّه تعالى ، وظاهره نفي الزمان أيضاً قبل العالم ، وعدم زمانيّته سبحانه
إلى أن يحمل على الأزمنة المعيّنة من الليالي والأيام والشهور والسنين ، ويدل على
فناء جميع أجزاء الدنيا بعد الوجود ، وهذا أيضاً ينافي القدم ، لأنهم أطبقوا على
أنّ ما ثبت قدمه امتنع عدمه ، وأقاموا عليه البراهين العقلية(140) .
أقول : يتبيّن من قوله عليهالسلام : « لو
اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها . . . على إحداث بعوضة ما قدرت على إحداثها
»
، أنّ معنى الخلق هو الإيجاد بعد العدم ، وعلى هذا إنّ الأزلية والقدمة مختصة به
تعالى ولايوجد شيء قديم سوى اللّه تعالى ، بل لكلّ ما سوى اللّه سبحانه ابتداء
وأوّل وهو كائن بعد أن لم يكن بعدية حقيقة .
*
روى الصدوق ـ مسنداً ـ عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام أنه
قال :
« اعلم علّمك اللّه الخير إنّ اللّه تبارك وتعالى قديم ، والقدم
صفة دلت العاقل على أنه لا شيء قبله ولا شيء معه في ديموميّته ، فقد بان لنا
بإقرار العامّة مع معجزة الصفة أنه لا شيء قبل اللّه ولا شيء مع اللّه في بقائه
.
وبطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شيء ، وذلك أنه لو كان معه
شيء في بقائه لم يجز أن يكون خالقاً له ؛ لأنه لم يزل معه فكيف يكون خالقاً لمن لم
يزل معه ؟ ! ولو كان قبله شيء كان الأوّل ذلك الشيء لا هذا ، وكان الأوّل أولى بأن
يكون خالقاً للأول الثاني . . »(141) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله :
لا
يخفى أنه يدل على أنه لا قديم سوى اللّه ، وعلى أنّ التأثير لا يعقل إلاّ في
الحادث ، وأنّ القدم مستلزم لوجوب الوجود(142) .
وقال
أيضاً في بحار الأنوار :
هذا
الخبر صريح في الحدوث ومعلّل(143) .
*
روى الطبرسي عن صفوان بن يحيى ، قال : سألني أبو قرّة المحدث صاحب شبرمة أن أُدخله
على أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، فاستأذنته فأذن له فدخل فسأله عن أشياء من
الحلال والحرام والفرائض والأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد ، فقال له : أخبرني ـ
جعلني اللّه فداك ـ عن كلام اللّه لموسى ؟ . . .
وساق
الكلام إلى أن قال : فما تقول في الكتب ؟
فقال
أبو الحسن عليهالسلام :
« التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وكلّ كتاب أنزل ، كان كلام
اللّه أنزله للعالمين نوراً وهدىً ، وهي كلّها محدثة ، وهي غير اللّه . . »
قال أبو قرّة :
فهل تفنى ؟
فقال
أبو الحسن عليهالسلام :
« أجمع المسلمون على أنّ ما سوى اللّه فانٍ ، وما سوى اللّه فعل
اللّه ، والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان فعل اللّه ، ألم تسمع الناس يقولون
: ربّ القرآن وإنّ القرآن يقول يوم القيامة يا ربّ هذا فلان ـ وهو أعرف به ـ قد
أظمأت نهاره ، وأسهرت ليله فشفّعني فيه ؟ وكذلك التوراة والإنجيل والزبور وهي
كلّها محدثة مربوبة أحدثها من ليس كمثله شيء هدىً لقوم يعقلون ، فمن زعم أنّهن لم
يزلن معه فقد أظهر أنّ اللّه ليس بأوّل قديم ولا واحد ، وأنّ الكلام لم يزل معه
وليس له بدء وليس بإله »(144) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله :
بيان
: « وليس له بدء . . » أي ليس للكلام علة ؛ لأنّ القديم لا يكون مصنوعاً ، « وليس
باله . . » أي والحال إنه ليس بإله فكيف لم يحتج إلى الصانع ، أو الصانع يلزم أن
لا يكون إلهاً لوجود الشريك معه في القدم(145) .
*
روى الصدوق رحمهالله ـ مسنداً ـ عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام في خطبته الطويلة
قال :
« أوّل عبادة اللّه معرفته ، وأصل معرفة اللّه توحيده ، ونظام
توحيد اللّه نفي الصفات عنه لشهادة العقول أنّ كلّ صفةٍ وموصوفٍ مخلوق ، وشهادة
كلّ مخلوق أنّ له خالقاً ليس بصفة ولا موصوف ، وشهادة كل صفة وموصوف بالاقتران ،
وشهادة الاقتران بالحدث ، وشهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من الحدث . . .
سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله . . . له معنى الربوبية إذ لا
مربوب ، وحقيقة الإلهية إذ لا مألوه ، ومعنى العالم إذ لا معلوم ، ومعنى الخالق إذ
لا مخلوق ، وتأويل السمع ولا مسموع ، ليس منذ خَلَقَ استحق معنى الخالق ، ولا
بإحداثه البرايا استفاد معنى البارئية . . . كيف يستحقّ الأزل من لا يمتنع من
الحدث . . . »
« ليس في محال القول حجة ، ولا في المسألة عنه جواب ، ولا في معناه
له تعظيم ، ولا في إبانته عن الخلق ضيمٌ إلاّ بامتناع الأزلي أن يثنّى وما لا بدء
له أن يُبدأ . . »(146) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله :
قد
دلّت ـ أي هذه الخطبة ـ على تنافي الحدوث أي المعلولية والأزلية ، وتأويل الأزليّة
بوجوب الوجود ، مع بعده يجعل الكلام خالياً عن الفائدة .
ودلالة
سائر الفقرات ظاهرة كما فصّلناه سابقاً ، وظاهر أكثر الفقرات نفي الزمانيّة عنه
سبحانه وكذا قوله عليهالسلام : « إلاّ بامتناع الأزلي أن يثنّي .
. »
يدلّ على امتناع تعدد القدماء وكذا الفقرة التالية لها(147) .
*
روى الصدوق رحمهالله ـ مسنداً ـ عن الحسن بن محمّد النوفلي ، أنه قال : قدم
سليمان المروزي متكلم خراسان على المأمون فأكرمه ووصله ، ثمّ قال له : إنّ ابن
عمّي عليّ بن موسى قدم عليّ من الحجاز وهو يحبّ الكلام . . .
إلى
أن قال سليمان : فإنه لم يزل مريداً .
قال
عليهالسلام : « يا سليمان فإرادته غيره ؟ »
قال : نعم .
قال
: « فقد أثبتّ معه شيئاً غيره لم يزل » .
قال سليمان :
ما أثبتُّ .
فقال
عليهالسلام : « هي محدثة ، يا سليمان ! فإن الشيء إذا لم يكن أزلياً كان محدثاً ،
وإذا لم يكن محدثاً كان أزلياً . . »
وجرى المناظرة
إلى أن قال عليهالسلام :
« ألا تخبرني عن الإرادة فعل هي أم غير فعل ؟ »
قال : بل هي
فعل .
قال
: « فهي محدثة ؛ لأن الفعل كله محدث » .
قال : ليست
بفعل .
« قال : فمعه غيره لم يزل » .
قال سليمان :
إنّها مصنوعة .
قال
: « فهي محدثة » .
وساق الكلام
إلى أن قال :
قال
سليمان : إنما عنيت أنها فعل من اللّه لم يزل .
قال
عليهالسلام : « ألا تعلم أنّ ما لم يزل لا يكون مفعولاً ، وحديثاً وقديماً في حالة
واحدة ؟ ! »
فلم يُحِر
جواباً .
ثمّ
أعاد الكلام إلى أن قال عليهالسلام : « إنّ ما لم يزل لا يكون
مفعولاً » .
قال سليمان :
ليس الأشياء إرادة ، ولم يرد شيئاً .
قال
عليهالسلام : « وَسوَستَ يا سليمان ! فقد فعل وخلق ما لم يرد خلقه وفعله ؟ ! وهذه
صفة ما لا يدري ما فعل ، تعالى اللّه عن ذلك . . »
ثم أعاد الكلام
إلى أن قال عليهالسلام : « فالإرادة محدثة وإلاّ فمعه غيره
»(148) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله :
حكم
عليهالسلام في هذا الخبر مراراً بأنه لا يكون قديم سوى اللّه ، وأنه لا يعقل
التأثير بالإرادة والاختيار في شيء لم يزل معه(149) .
*
روى الصدوق رحمهالله ـ في ذكر مجلس الرضا عليهالسلام مع أهل الأديان وأصحاب
المقالات ـ فقال عمران الصابي : أخبرني عن الكائن الأوّل وعمّا خلق ؟
قال
عليهالسلام :
« سألت فافهم . . ! أمّا الواحد فلم يزل واحداً كائناً لا شيء معه
بلا حدود ولا أعراض ولا يزال كذلك ، ثمّ خلق الخلق مبتدعاً مختلفاً بأعراض وحدود
مختلفة ، ولا في شيء أقامه . . . »
إلى أن قال له
عمران : يا سيّدي ألا تخبرني عن الخالق إذا كان واحداً لا شيء غيره ولا شيء معه
أليس قد تغيّر بخلقه الخلق ؟
قال
الرضا عليهالسلام :
« لم يتغيّر عزّوجلّ بخلق الخلق ولكنّ الخلق يتغيّر بتغييره . . » .
إلى أن قال :
يا سيّدي ألا تخبرني عن اللّه عزّوجلّ هل يوحّد بحقيقة أو يوحّد بوصف ؟
قال
الرضا عليهالسلام :
« إنّ اللّه المبدىء الواحد الكائن الأوّل لم يزل واحداً لا شيء
معه ، فرداً لا ثاني معه لا معلوماً ولا مجهولا ولا محكماً ولا متشابهاً ولا
مذكوراً ولا منسياً ولا شيئاً يقع عليه اسم شيء من الأشياء غيره ، ولا من وقتٍ كان
، ولا إلى وقت يكون ، ولا بشيء قام ، ولا إلى شيء يقوم ، ولا إلى شيء استند ، ولا
في شيء استكنّ ، وذلك كلّه قبل الخلق إذ لا شيء غيره »(150) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله :
بيان
:« لا في شيء أقامه . . » أي في مادّة قديمة كما زعمته الفلاسفة . . . « هل يوحّد
بحقيقة . . » . . . فأجاب عليهالسلام بأنه سبحانه يعرف بالوجوه التي هي محدثة في
أذهاننا وهي مغايرة لحقيقته تعالى .
وما
ذكره أوّلاً لبيان أنه قديم أزلي والقديم يخالف المحدثات في الحقيقة ، وكل شيء
غيره فهو حادث .
وقوله
عليهالسلام : « لا معلوماً . . » تفصيل وتعميم للثاني أي ليس معه غيره ، لا معلوم ولا مجهول ،
والمراد بالمحكم ما يعلم حقيقته وبالمتشابه ضدّه .
ويحتمل
أن يكون إشارة إلى نفي قول من قال بقدم القرآن ، فإن المحكم والمتشابه يطلقان على
آياته(151) .
أقول : يظهر ممّا ذكرنا من الروايات أنّ قوله : « ولا
يزال كذلك . . » يرجع إلى قوله : « بلا حدود ولا أعراض » لا إلى مجموع
ما تقدّم كي يوهم صحة تأويل قولهم صلوات اللّه عليهم : « كان
اللّه ولا شيء معه »(152) بالمعيّة الرتبيّة .
وأضف
إلى ذلك أنّ قوله عليهالسلام : « ثمّ خلق . . » في الرواية
التي مّر ذكرها يشير إلى الترتيب الزماني وان تقريره عليهالسلام لقول السائل
حينما قال : « اذا كان واحداً لاشيء غيره . . . » فيه اشاره الى الغيرية
الحقيقية .
*
في الاحتجاج والتفسير المنسوب إلى الإمام أبي محمّد العسكري عن آبائه عليهمالسلام
قال :
« احتجّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على الدهريّة ، فقال :
ما الذي دعاكم إلى القول بأنّ الأشياء لابدء لها ، وهي دائمة لم تزل ولا تزال ؟ »
.
فقالوا : لأنّا
لا نحكم إلاّ بما نشاهد ، ولم نجد للأشياء حدثاً فحكمنا بأنّها لم تزل ، ولم نجد
لها انقضاءا وفناءا فحكمنا بأنّها لا تزال .
فقال
رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« أفوجدتم لها قدماً أم وجدتم لها بقاءا أبد الأبد ؟ »
« فإن قلتم إنكم وجدتم ذلك أنهضتم لأنفسكم أنّكم لم تزالوا على
هيئتكم وعقولكم بلا نهاية ولا تزالون كذلك ! »
« ولئن قلتم هذا دفعتم العيان وكذّبكم العالمون الذين يشاهدونكم » .
قالوا : بل لم
نشاهد لها قدماً ولا بقاءا أبد الأبد . . !
قال
رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« فلِم صرتم بأن تحكموا بالقدم والبقاء دائماً لأنكم لم تشاهدوا
حدوثها وانقضائها أولى من تارك التميّز لها مثلكم ، فيحكم لها بالحدوث والانقضاء
والانقطاع لأنّه لم يشاهد لها قدماً ولا بقاءا أبد الأبد ، أولستم تشاهدون الليل
والنهار وأحدهما قبل الآخر ؟ »
فقالوا : نعم .
فقال
: « أترونهما لم يزالا ولا يزالان ؟ »
فقالوا : نعم .
فقال
: « أفيجوز عندكم اجتماع الليل والنهار ؟ »
فقالوا : لا .
فقال
صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فإذن ينقطع أحدهما عن الآخر
فيسبق أحدهما ويكون الثاني جارياً بعده » .
قالوا : كذلك
هو .
فقال
: « قد حكمتم بحدوث ما تقدّم من ليل ونهار ولم تشاهدوهما فلا تنكروا
اللّه قدره » .
ثمّ قال
صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أتقولون ما قبلكم من الليل
والنهار متناه أم غير متناه ؟
فإن قلتم : إنه غير متناه فقد وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوّله .
وإن قلتم : إنه متناه فقد كان ولا شيء منهما » .
قالوا : نعم .
قال
لهم : « أقلتم إنّ العالم قديم ليس بمحدث وأنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به
وبمعنى ما جحدتموه ؟ »
قالوا : نعم .
قال
رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فهذا
الذي تشاهدونه من الأشياء بعضها إلى بعض يفتقر ، لأنّه لا قوام للبعض إلاّ بما
يتّصل به كما ترى البناء محتاجاً بعض اجزائه إلى بعض ، وإلاّ لم يتّسق ولم يستحكم
، وكذلك سائر ما يُرى » .
قال
صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فإن كان هذا المحتاج بعضه إلى
بعض لقوّته وتمامه هو القديم ، فأخبروني أن لو كان محدثاً كيف كان يكون ؟ وكيف
إذاً كانت تكون صفته ؟ »
قال
عليه السلام : « فبُهتوا وعلموا أنّهم لا يجدون للمحدث صفة يصفونه بها إلاّ وهي
موجودة في هذا الذي زعموا أنّه قديم .
فوجموا وقالوا :
سننظر في أمرنا »(153) .
أقول : استدلّ رسول
اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على حدوث العالم بثلاثة طرق :
الأوّل : بما يشاهد من الليل والنهار واختلافهما وتقدمهما وتأخرهما ، فإن
التقدم والتأخر يلازمان الأوليّة والآخرية ، وهذا دليل الحدوث .
الثاني : بالحادث اليومي ؛ لأنّه إن كان متناهياً فهو مسبوق بعدمه وإلاّ يلزم
اتصاف الحادث بآخر بلا اتصاف بأول ، مع أنهما متضائفان ، وتحقق أحدهما دون الآخر
محال .
الثالث : بتذكّر أوصاف القديم والحادث ، فما يشاهد من التغيّر والتبدل والزوال
والفناء والاحتياج فهو دليل على حدوثه ، وإلاّ فإن كان هذا المحتاج قديماً فكيف
يكون لو كان حادثاً ؟ !
*
روى الكليني رحمهالله عن أبي عبد اللّه عليهالسلام أنّ أمير المؤمنين
عليهالسلام . . . قام خطيباً فقال :
« الحمد للّه الواحد الأحد الصمد المتفرّد الذي لا من شيء كان ، ولا
من شيء خلق ما كان . . . ولا يتكأده صنع شيء كان ، إنّما قال ـ لما شاء ـ كن فكان
، ابتدع ما خلق بلا مثال سبق ، ولا تعب ولا نصب ، وكلّ صانع شيء فمن شيء صنع ،
واللّه لا من شيء صنع ما خلق . . »(154) .
أقول : فرّق الإمام
عليهالسلام في هذا الحديث الشريف بين صنع اللّه تعالى الذي يكون لا من شيء وبين
صنع غيره تعالى الذي يكون من شيء ، حيث قال عليهالسلام : « كل صانع شيء فمن شيء صنع واللّه لا من شيء صنع ما خلق » .
ولا يخفى أنّ
هذا الحديث نصّ في أنّ المراد من « خلق » و« صنع » و« أبدع » بالنسبة إليه تعالى
هو المعنى المستفاد من ظاهر الآيات ، فهذه الكلمات ظاهرة في الخلق الابتدائي . .
أي الخلق لا من شيء ، بل نصّ فيه بملاحظة الروايات المذكورة .
وعلى
هذا : فإنّ استعمال هذه الكلمات في الخلق من شيء لابدّ وأن يكون مع وجود قرينة ،
كما في قوله تعالى : « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ
مِنْ طين »(155) فإن قوله تعالى : « مِن طِين »شاهد على عدم
كون الخلق ابتدائياً .
*
روى الصدوق رحمهالله ـ مسندا ـ عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام أنه قال :
« المشيّة والإرادة من صفات الأفعال ، فمن زعم أنّ اللّه تعالى لم
يزل مريداً شائياً فليس بموحّد »(156) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله (157) :
بيان
: لعلّ الشرك باعتبار أنّه إذا كانت الإرادة والمشية أزليّتين فالمراد والمشييء
أيضاً يكونان أزليّين ، ولا يعقل التأثير في القديم ، فيكون إلهاً ثانياً كما مرّ
مراراً .
أو
انّهما لمّا لم يكونا عين الذات ، فكونهما دائماً معه سبحانه يوجب إلهين آخرين
بتقريب ما مرّ .
ويؤيّد
الأوّل ما رواه في التوحيد ـ أيضاً ـ عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبد اللّه
عليهالسلام قال : قلت له : لم يزل اللّه مريداً ؟ فقال : « إنّ المريد لا يكون إلاّ لمراد معه بل لم يزل اللّه عالماً قادراً
ثمّ أراد »(158) .
قال السيد
الخوئي رحمهالله في بحث الإرادة :
إنّ
قوله عليهالسلام في الصحيحة المتقدمة : « إنّ
المريد لا يكون إلاّ المراد معه » إشارة إلى أنّ الإرادة الإلهية لو كانت ذاتية
لزم قدم العالم وهو باطل ، ويؤيد هذا رواية الجعفري عن الرضا عليهالسلام : « فمن زعم أن اللّه لم يزل مريداً شائياً فليس بموحّد » فانه صريح في
أنّ إرادته ليست عين ذاته كالعلم ، والقدره ، والحياة .(159) .
ملحوظة :
لا
يخفى على من راجع الأخبار والأحاديث أنّ الإرادة والمشية من صفات الفعل التي يصح
سلبها عنه تعالى في الأزل ،(160) ولا يلزم منه نقص ، لا من صفات الذات
المعتبرة له في الأزل مثل العلم والقدرة فإن نفيها عنه تعالى يوجب النقص فيه للزوم
الجهل والعجز .
وقد
دلّت الروايات الكثيرة على أنّ فاعليته تعالى للأشياء إنّما هي بالإرادة والمشية
لا بالذات ،(161) وإلاّ يلزم أن يكون اللّه تعالى موجباً في فعله ؛
لأنّ تخلف ما بالذات عن الذات محال .
فاذا
كانت الإرادة والمشية محدثة ، وجميع الأشياء موجودة بالإرادة والمشية فهي أولى
بالحدوث .
وهذا
دليل مستقل في اثبات حدوث العالم بالمعنى الذي ذكرناه .
*
روى الصدوق رحمهالله ـ مسنداً ـ عن الحسين بن الخالد ، قال : سمعت الرضا عليّ بن
موسى عليهماالسلام يقول :
« لم يزل اللّه تبارك وتعالى عليماً قادراً حيّاً قديماً سميعاً
بصيراً . . »
فقلت له : يا ابن
رسول اللّه ! إنّ قوماً يقولون : إنه عزّوجلّ لم يزل عالماً بعلم . . وقادراً
بقدرة . . وحيّاً بحياةٍ . . وقديماً بقدمٍ . . وسميعاً بسمعٍ . . وبصيراً ببصر .
. ! !
فقال
عليهالسلام :
« من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع اللّه آلهةً أُخرى وليس من ولايتنا
على شيء » .
ثم قال
عليهالسلام :
« لم يزل اللّه عليما قادرا حيّا قديماً سميعاً بصيراً لذاته . .
تعالى عمّا يقول المشركون والمشبهون علواً كبيراً . . »(162) .
* روى الصدوق
رحمهالله ـ مسنداً ـ عن أبي عبد اللّه عليهالسلام ، أنه كان يقول :
« . . . الحمد للّه الذي كان إذ لم يكن شيء غيره وكوّن الأشياء
فكانت كما كوّنها ، وعلم ما كان وما هو كائن »(163) .
* وقال أمير
المؤمنين عليهالسلام :
« . . المعروف من غير رؤية ، والخالق من غير رويّة ، الذي لم يزل
قائماً دائماً ، إذ لا سماء ذات أبراج ، ولا حجب ذات أرتاج ، ولا ليل داجٍ ، ولا
بحر ساج ، ولا جبل ذو فجاج ، ولا فجّ ذو إعوجاج ، ولا أرض ذات مهاد ، ولا خلق ذو
اعتماد ، ذلك مبتدع الخلق ووارثه وإله الخلق ورازقه »(164) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله :
أبدعت
الشيء وابتدعته . . : أي استخرجته وأحدثته ، و « الابتداع » الخلق على غير مثال ،
و « وارثه » أي الباقي بعد فنائهم ، والمالك لما ملكوا ظاهراً ، ولا يخفى صراحته
في حدوث العالم(165) .
*
سأل حمران أبا جعفر عليهالسلام عن قول اللّه تبارك وتعالى : «
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالاْءَرْضِ » .
قال
عليهالسلام : « إنّ اللّه ابتدع الأشياء كلّها على غير مثال كان ، وابتدع
السماوات والأرض ولم يكن قبلهنّ سماوات ولا أرضون ، أما تسمع لقوله تعالى :«
كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ »(166) ؟ ! »
* روى الكليني
عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال :
« الحمد للّه الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه ، لأنه كلّ يوم هو في
شأن من إحداث بديع لم يكن . . . أتقن ما أراد خلقه من الأشباح كلّها لا بمثال سبق
إليه ، ولا لغوب دخل عليه في خلق ما خلق لديه ، ابتدأ ما أراد ابتداءه ، وأنشأ ما
أراد إنشاءه على ما أراد من الثقلين ليعرفوا بذلك ربوبيته . . »(167) .
* وفي خطبة له
عليهالسلام ـ يذكر فيها ابتداء خلق السماوات والأرض وخلق آدم عليهالسلام ـ :
« الحمد للّه الذي لا يبلغ مدحته القائلون . . . أنشأ الخلق انشاءا
، وابتدأه ابتداءا بلا روية أجالها . . . عالماً بها قبل ابتدائها . . »(168)
.
* عن الحسن بن
علي عليهماالسلام :
« الحمد للّه الذي لم يكن له أوّل معلوم ولا آخر متناه . . . خلق
الخلق فكان بديئاً بديعاً ، ابتدأ ما ابتدع وابتدع ما ابتدأ ، وفعل ما أراد وأراد
ما استزاد ، ذلكم اللّه ربّ العالمين »(169) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله :
الابتداع
. . : إيجاد بلا مادّة أو بلا مثال .
*
وجاء في دعاء يوم عرفة لمولانا زين العابدين علي بن الحسين عليهماالسلام :
« . . أنت اللّه لا إله إلاّ أنت ، أنشأتَ الأشياء من غير سنخ ، وصوّرتها
ما صوّرت من غير مثال ، وابتدأت المتبدعات بلا احتذاء . . . أنت الذي ابتدأ واخترع
واستحدث وابتدأ وأحسن صنع ما صنع ، سبحانك من لطيف ما ألطفك . . »(170)
.
* وفي دعاء آخر
ليوم عرفة :
« . . ولك الحمد قبل أن تخلق شيئاً من خلقك وعلى بدء ما خلقت إلى
انقضاء خلقك »(171) .
* روى الكليني
رحمهالله ـ بسنده ـ عن محمّد بن زيد ، قال : جئت إلى الرضا عليهالسلام أسأله عن
التوحيد فأملى علىّ :
« الحمد للّه فاطر الأشياء إنشاءا ، ومبتدعها ابتداعاً بقدرته
وحكمته ، لا من شيء فيبطل الاختراع ، ولا لعلّة فلا يصحّ الابتداع ، خلق ما شاء
كيف شاء ، متوحّداً بذلك لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيّته . . »(172) .
* عن أبي الحسن
الرضا عليهالسلام :
« الحمد للّه الملهم عباده الحمد ، وفاطرهم على معرفة ربوبيّته ،
الدالّ على وجوده بخلقه وبحدوث خلقه على أزليته . . . خالق إذ لا مخلوق ، وربّ إذ
لا مربوب ، وإله إذ لا مألوه ، وكذلك يوصف ربّنا ، وهو فوق ما يصفه الواصفون »(173)
.
* روى الصدوق
رحمهالله ـ مسنداً ـ عن محمّد بن أبي عمير ، قال : دخلت على سيدي موسى بن جعفر
عليهماالسلام فقلت له : يابن رسول اللّه ! علّمني التوحيد .
فقال
:
« . . وهو الأوّل الذي لا شيء قبله ، والآخر الذي لا شيء بعده ، وهو
القديم وما سواه مخلوق محدث ، تعالى عن صفات المخلوقين علوّاً كبيرا »(174)
.
* روى الطبرسي
أنه سئل أبو الحسن علي بن محمّد عليهماالسلام عن التوحيد ، فقيل : لم يزل اللّه
وحده لا شيء معه ثمّ خلق الأشياء بديعا ، واختار لنفسه أحسن الأسماء ؟ أو لم تزل
الأسماء والحروف معه قديمة ؟ !
فكتب
:
« لم يزل اللّه موجوداً ثمّ كوّن ما أراد . . »(175) .
* روى الصدوق
رحمهالله بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام قال :
« إنّ اللّه تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره . . »(176) .
* روى الصدوق
رحمهالله ـ مسنداً ـ عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام أنه كان يقول :
« الحمد للّه الذي كان قبل أن يكون كان . . . بل كوّن الأشياء قبل
كونها فكانت كما كوّنها ، علم ما كان وما هو كائن ، كان إذ لم يكن شيء ولم ينطق
فيه ناطق فكان إذ لا كان »(177) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله : يدلّ الخبر على حدوث العالم .
*
روى الصدوق رحمهالله ـ مسنداً ـ عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام : قال
: سمعته يقول :
« كان اللّه ولا شيء غيره ، ولم يزل عالماً بما كوّن ، فعلمه به قبل
كَوْنه كعلمه به بعد ما كوَّنه »(178) .
* روى الصدوق
رحمهالله ـ مسنداً ـ عن علي بن مهزيار قال : كتب أبو جعفر عليهالسلام إلى رجل
بخطه وقرأتُه في دعاء كتب به أن يقول :
« يا ذا الذي كان قبل كلّ شيء ، ثمّ خلق كل شيء ثمّ يبقى ويفنى كلّ
شيء ، ويا ذا الذي ليس في السماوات العُلى ولا في الأرضين السفلى ولا فوقهن ولا
بينهن ولا تحتهن إله يُعبدُ غيره »(179) .
* روى الصدوق
رحمهالله ـ مسنداً ـ عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام أنه قال :
« الحمد للّه الذي لا من شيء كان ولا من شيء كوّن ما قد كان ،
مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته ، وبما وسمها به من العجز على قدرته ، وبما
اضطرّها إليه من الفنا على دوامه . . . مستشهد بكليّة الأجناس على ربوبيته وبعجزها
على قدرته وبفطورها على قدمته »(180) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله :
بيان
: قوله عليهالسلام : « ولا من شيء كوّن ما قد كان . .
»
ردّ على من يقول بأنّ كل حادث مسبوق بالمادّة ، « المستشهد بحدوث الأشياء على
أزليته . . » الاستشهاد : طلب الشهادة أي طلب من العقول بما بيّن لها من حدوث
الأشياء الشهادة على أزليته ، أو من الأشياء أنفسها بأن جعلها حادثة فهي بلسان
حدوثها تشهد على أزليته . . (181) .
اقول : لا يخفى أنّ حمل قولهم صلوات اللّه عليهم : « كان اللّه ولا شيء معه » على نفي المعيّة في الرتبة
لا في التحقق والواقع مخالف لظاهر هذا الكلام ، ولما هو صريح الروايات المذكورة
وغيرها .
*
روى السيد ابن طاوس رحمهالله ـ مسنداً ـ عن الحارث بن عمير ، عن جعفر بن محمّد ،
عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام قال : « علّمني
رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا الدعاء وذكر له فضلاً كثيراً :
« الحمد للّه الذي لا إله إلاّ هو . . . والباقي بعد فناء الخلق . .
. كنتَ إذ لم تكن سماء مبنيّة ولا أرض مدحيّة ولا شمس مضيئة . . . كنتَ قبل كلّ
شيء وكوّنت كلّ شيء وابتدعت كل شيء . . »(182) .
* وروى ـ أيضاً
ـ عن أمير المؤمنين عليهالسلام في الدعاء المعروف :
« . . وأنت الجبّار القدّوس الذي لم تزل أزليّاً دائماً في الغيوب
وحدك ليس فيها غيرك ، ولم يكن لها سواك . . »(183) .
* وأيضاً روى
عنه في دعاء علّمه جبرئيل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« . . الأوّل والآخر والكائن قبل كلّ شيء والمكوّن لكلّ شيء ، والكائن
بعد فناء كلّ شيء . . »(184) .
* روى الكليني
رحمهالله ، بإسناده عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : كان اللّه ولا
شيء ؟
قال
: « نعم كان ولا شيء » .
قلت : فأين كان
يكون ؟
قال
: ـ وكان متكئاً فاستوى جالساً وقال ـ : « أحلت ـ
يا زرارة ! ـ وسألت عن المكان إذ لا مكان »(185) .
* روى الصدوق
رحمهالله ـ مسنداً ـ عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال :
« . . الحمد للّه الذي كان قبل أن يكون كان ، لم يوجد لوصفه كان . .
. كان إذ لم يكن شيء ولم ينطق فيه ناطق فكان إذ لا كان »(186) .
* روى الصدوق
رحمهالله ـ مسنداً ـ عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهماالسلام قال : قال رسول
اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في بعض خطبه ـ :
« الحمد للّه الذي كان في أوليته وحدانياً . . . ابتدع ما ابتدع
وأنشأ ما خلق على غير مثال كان سبق لشيء مما خلق ، ربّنا القديم بلطف ربوبيته ،
وبعلم خبره فتق وبإحكام قدرته خلق جميع ما خلق . . »(187) .
* عن أمير
المؤمنين عليهالسلام :
« الحمد للّه الذي لا يبلغ مدحته القائلون . . .كائن لا عن حدث ،
موجودٌ لا عن عدم . . . متوحّد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده ، أنشأ الخلق
انشاءا وابتدأه ابتداءا . . »(188) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله : « كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم . . » ظاهره الاختصاص به
سبحانه وحدوث ما سواه ، وكذا قوله عليهالسلام : « متوحد
إذ لا سكن يستأنس به . . » يدلّ على حدوث العالم .
والإنشاء
: الخلق ، والفرق بينه وبين الابتداء : بأنّ الإنشاء كالخلق أعمّ من الابتداء قال
تعالى : « خَلَقَ الاْءِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ »(189) ، والابتداء :
الخلق من غير سبق مادّة ومثال ، وإن لم يفهم هذا الفرق من اللغة لحسن التقابل
حينئذ وإن أمكن التأكيد . . (190) .
*
روى الكليني رحمهالله ـ بسنده ـ عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال
: سمعته يقول :
« كان اللّه عزّوجلّ ولا شيء غيره ، ولم يزل عالماً بما يكون ،
فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه »(191) .
* وأيضاً روى
الكليني ـ بسنده ـ عن فصيل بن سكرة ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : جعلت فداك
إن رأيت أن تعلّمني هل كان اللّه جلّ وجهه يعلم قبل أن يخلق الخلق أنه وحده ؟ فقد
اختلف مواليك ، فقال بعضهم : قد كان يعلم قبل أن يخلق شيئاً من خلقه . . ! وقال
بعضهم : إنّما معنى يعلم يفعل فهو اليوم يعلم أنه لا غيره قبل فعل الأشياء . . !
فقالوا : إن أثبتنا أنه لم يزل عالماً بأنّه لا غيره فقد أثبتنا معه غيره في
أزليّته ؟ فإن رأيت يا سيّدي أن تعلّمني ما لا أعدوه إلى غيره ؟
فكتب
عليهالسلام :
« ما زال اللّه عالماً تبارك وتعالى ذكره »(192) .
* وروى الكليني
رحمهالله ـ بسنده ـ عن جعفر بن محمّد بن حمزة قال : كتبت إلى الرجل عليهالسلام
أسأله : إنّ مواليك اختلفوا في العلم ، فقال بعضهم : لم يزل اللّه عالماً قبل فعل
الأشياء ، وقال بعضهم : لا نقول لم يزل اللّه عالماً لأنّ معنى يعلم يفعل ، فان
أثبتنا العلم فقد أثبتنا في الأزل معه شيئاً ، فإن رأيت جعلني اللّه فداك أن
تعلّمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه ؟
فكتب
عليهالسلام بخطّه :
« لم يزل اللّه عالماً تبارك وتعالى ذكره »(193) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله في بيانه :
يدلّ
هذا الخبر على أنه كان معلوماً عند الأصحاب أنه لا يجوز أن يكون شيء مع اللّه في
الأزل ، ولمّا توهّموا أنّ العلم يستلزم حصول صورة ، نفوا العلم في الأزل لئلاّ
يكون معه تعالى غيره قياساً على الشاهد ، فلم يتعرّض عليهالسلام لإبطال توهّمهم ،
وأثبت العلم القديم له تعالى .
وبالجملة
؛ هذه الأخبار صريحة في أنّ المخلوقات كلّها مسبوقة بعدم يعلمها سبحانه في حال
عدمها(194) .
وهنا
روايات مثل :
*
قوله عليهالسلام :
« خلق الخلق على غير تمثيل . . »(195) .
* وقوله عليهالسلام
:
« يا من خلق الخلق بغير مثال . . »(196) .
* وقوله
عليهالسلام :
« الحمد للّه الذي خلق الخلق على غير مثال . . »(197) .
* وقوله
عليهالسلام :
« . . ابتدع الخلق على غير مثال امتثله . . »(198) .
* وقوله
عليهالسلام :
« . . أنشأ الخلق إنشاء وابتدأه ابتداء بلا روية أجالها ولا تجربة .
. »(199) .
* وقوله
عليهالسلام :
« . . لا يقال له كان بعد أن لم يكن فتجري عليه الصفات المحدثات . .
»(200) .
* وقوله
عليهالسلام :
« الدالّ على قدمه بحدوث خلقه ، وبحدوث خلقه على وجوده . . . مستشهد
بحدوث الأشياء على أزليته »(201) .
* وقوله
عليهالسلام :
« الحمد للّه . . . مخرج الموجود من العدم والسابق الأزلية بالقدم .
. »(202) .
وفي المقام
روايات أُخرى ولكن اكتفينا بهذا المقدار خشية الاطالة وملل القارئ .
تنبيـه :
وبعد
كل هذا وغيره ، فلا نحسب أن الروايات هذه تحتاج الى بيان إذ هي تبيان ، ومع ذلك
لسائل أن يقول :
هل يصحّ تأويل
جميع هذه النصوص الصريحة على خلاف ظاهرها ؟ !
وهل
كان بإمكان الأحاديث أن تبيّن المقصود بأكثر ممّا بيّنت ؟ !
هل
يستطيع أحد تبيين وجود الأشياء بعد عدمها بأصرح من هذه التعابير :
كقوله
عليهالسلام : « إنّ الشيء إذا لم يكن أزليّاً كان محدثاً وإذا لم يكن محدثاً كان
أزلياً . . . ألا تعلم أنّ ما لم يزل لا يكون مفعولاً ، وقديماً وحديثاً في حالة
واحدة » .
وقوله
عليهالسلام : « كيف يكون خالقاً لمن لم يزل معه » .
وقوله
عليهالسلام : « لو كان ( أي الكلام ) قديماً لكان إلهاً ثانياً » .
وقوله
عليهالسلام : « لم يخلق الأشياء من أصول أزليّة » .
وقوله
عليهالسلام : « لو كان أوّل ما خلق من خلقه الشيء من الشيء إذاً لم يكن له انقطاع
أبداً ولم يزل اللّه إذاً ومعه شيء » .
وقوله
عليهالسلام : « من زعم أنهن لم يزلن معه فقد أظهر أنّ اللّه ليس بأوّل قديم ، ولا
واحد ، وأنّ الكلام لم يزل معه وليس له بدء ، وليس بإله .
وغيرها من الأحاديث
» .
ولنا أن نتسائل
بعد هذا لو لم تكن هذه صريحة في المطلوب فما هو اللفظ الصريح إذا . . ؟ !
فائدة : قال العلاّمة المجلسي رحمهالله :
إذا
أمعنت النظر فيما قدّمناه وسلكت مسلك الإنصاف ونزلت عن مطيّة التعنّت والاعتساف
حصل لك القطع من الآيات المتظافرة والأخبار المتواترة ـ الواردة بأساليب مختلفة
وعبارات متفنّنة ـ من اشتمالها على بيانات شافية ، وأدلّة وافية بالحدوث بالمعنى
الذي أسلفناه .
ومن
تتبّع كلام العرب وموارد استعمالاتهم وكتب اللغة يعلم أنّ « الإيجاد » و« الإحداث
» و« الخلق » و« الفطر » و« الإبداع » و« الاختراع » و« الصنع » و« الإبداء » . .
لا تطلق إلاّ على الإيجاد بعد العدم .
وقال
المحقق الطوسي رحمهالله في شرح الإشارات :
إنّ
أهل اللغة فسّروا الفعل بإحداث شيء .
وقال
أيضاً :
الصنع
: إيجاد شيء مسبوق بالعدم ، وفي اللغة : الإبداع : الإحداث ومنه : البدعة لمحدثات
الأمور ، وفسّروا الخلق بإبداع شيء بلا مثال سابق .
وقال
ابن سينا ـ في رسالة الحدود ـ :
الإبداع
اسم مشترك لمفهومين : أحدهما تأييس شيء لا عن شيء ولا بواسطة شيء ، والمفهوم
الثاني : أن يكون للشيء وجود مطلق عن سبب بلا متوسّط ، وله في ذاته أن يكون
موجوداً وقد أفقد الذي في ذاته إفقاداً تامّاً .
ونقل
في الملل والنحل عن ثاليس الملطّى أنه قال :
الإبداع
هو تأييس ما ليس بأيس فإذا كان مؤيّس الأيسات فالتأييس لا من شيء متقادم ( إنتهى )
.
ومن
تتبّع الآيات والأخبار لا يبقى له ريب في ذلك كقوله : « لا من
شيء فيبطل الاختراع ولا لعلة فلا يصح الابتداع » مع أنه قد وقع التصريح
بالحدوث بالمعنى المعهود في أكثر النصوص المتقدمة بحيث لا يقبل التأويل .
وبانضمام
الجميع بعضها مع بعض يحصل القطع بالمراد ، ولذا ورد أكثر المطالب الأصولية
الاعتقادية كالمعاد الجسماني وإمامة أمير المؤمنين عليهالسلام وأمثالهما في كلام
صاحب الشريعة بعبارات مختلفة وأساليب شتّي ، ليحصل الجزم بالمراد من جميعها ، مع
أنها اشتملت على أدلّة مجملة من تأمّل فيها يحصل له القطع بالمقصود(203)
.
إيضاح بعض الأحاديث المشتبهة
فإن قيل : ما تقول في قولهم عليهم السلام : « يا
دائم الفضل على البريّة . . »(204) و « . . يا قديم الإحسان . . »(205) و « . . يا قديم الفضل . . »(206) . . ونحوها ؛ فإنّ قدم
الفضل والإحسان يستلزم قدم العالم ؛ لأنّ الفضل والإحسان يقتضيان الشيء الذي يفضل
ويحسن عليه .
قلنا : إنّ الآيات المتظافرة والأحاديث المتواترة التي أثبتنا بها حدوث
العالم تعتبر من المحكمات وأنّ ما يخالفها يعدّ من المتشابهات ، وقد ثبت في محلّه
لزوم إرجاع المتشابهات إلى المحكمات . ولا شبهة في أن المراد من القدم في هذه
الأحاديث هو القدم الإضافي لا الحقيقي ، ومعناه أنّه تعالى كثير الإحسان والفضل .
وأيضاً
قد ثبت في بحث تعارض النصّ والظاهر من علم الأصول لزوم تقديم النصّ على الظاهر
فيما لو كان أحد الدليلين قطعياً ونصّاً في أمر وكان الدليل المخالف ظاهراً فيه .
وحينئذ
فلابدّ من التصرف في ظاهر هذه الأحاديث وحملها على القدم العرفي والإضافي أو طرحها
إن لم يمكن توجيهها أو تأويلها لأنّ الظهور لا يصادم البرهان .
وأضف
إلى ذلك أنّ قوله عليهالسلام : « يا دائم الفضل على البريّة . .
»
لا يثبت دوام البريّة بل يثبت دوام الفضل على البريّة ، ومعنى ذلك أنّ فضله على
البريّة لم ينقطع في ما لو كانت البريّة موجودة فهو معنى إضافي لا حقيقي .
إن قلت : ورد في بعض الأحاديث « إنّ اللّه خلقنا من نور
عظمته »(207) و « إنّ اللّه عزّوجلّ خلق محمّداً وعليّاً
والأئمة الأحد عشر من نور عظمته »(208) ولا شك في أنه تعالى قديم
أزلي فلابدّ أن تكون أنوارهم عليهمالسلام أيضاً قديمة ؛ لأنها خُلِقَتْ من نور
عظمته تعالى .
قلت : والجواب عن ذلك بوجوه :
الأوّل : بعد إثبات حدوث جميع ما سوى اللّه ـ بالمعنى الذي ذكرناه ـ بالآيات
المتظافرة والأحاديث المتواترة القطعية فلابدّ من إرجاع المتشابهات إليها ، مضافاً
إلى أنّ الظهور ـ على فرض تسليمه ـ لا يصادم البرهان والنصّ .
الثاني : بعد التصريح الوارد في الأحاديث الكثيرة بأنّ نورهم عليهمالسلام
مسبوق بالعدم فلابدّ من توجيه هذه الأحاديث وأمثالها بأنّ إضافة النور إليه تعالى
تشريفية ، ومعناها أنّ النور المذكور هو شيء حادث مخلوق ، ولكنّه تعالى أضافه
لنفسه للتشريف والتكريم وهو من قبيل إضافته تعالى الكعبة والروح إلى نفسه .
* كما روى
الكليني رحمهالله ـ بسنده ـ عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام
عمّا يروون : إنّ اللّه خلق آدم على صورته .
فقال
:
« هي صورة محدثة مخلوقة واصطفاها اللّه واختارها على سائر الصور
المختلفة فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه ، والروح إلى نفسه ، فقال « بيتي
» ، « ونفختُ فيه من روحي » »(209)
.
* وروى الصدوق
رحمهالله ـ بسنده ـ عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول
اللّه عزّوجلّ : « وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي »(210) .
قال
:
« روح اختاره اللّه واصطفاه وخلقه وأضافه إلى نفسه وفضّله على جميع
الأرواح ، فأمر فنُفخ منه في آدم عليهالسلام »(211) .
* وروى الكليني
رحمهالله ـ بسنده ـ عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبداللّه عليهالسلام عن
قول اللّه عزّوجلّ : « وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي »(212) :كيف هذا
النفخ ؟
فقال
:
« إنّ الروح متحرِّك كالرّيح ، وإنّما سُمِّي روحاً لأنه اشتقَّ اسمه
من الريح ، وإنما أخرجه عن لفظة الريح ؛ لأنّ الأرواح مجانسة للريح ، وإنّما اضافه
إلى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح ، كما قال لبيتٍ من البيوت : بَيتي ،
ولرسولٍ من الرّسل : خليلي . . وأشباه ذلك ، وكل ذلك مخلوق مصنوع مُحدَثٌ مربوبٌ
مدبَّر »(213) .
وأمّا الأحاديث
الدالة على أنّ نورهم : مسبوق بالعدم وليس بأزلي ، فمنها :
*
ما روي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « يا جابر ! كان اللّه
ولا شيء غيره لا معلوم ولا مجهول ، فأول ما ابتدأ من خلقه أنّ خلق محمّداً
صلىاللهعليهوآلهوسلم وخلقنا أهل البيت معه من نور عظمته فأوقفنا أظلّة خضراء
بين يديه حيث لا سماء ولا أرض ولا مكان ولا ليل ولا نهار ولا شمس ولا قمر . . »(214)
.
* وعن أمير
المؤمنين عليهالسلام :
« كان اللّه ولا شيء معه فأول ما خلق نور حبيبه محمدّ
صلىاللهعليهوآلهوسلم »(215) .
* وعن محمّد بن
سنان ، قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليهالسلام فأجريت اختلاف الشيعة فقال : يا
محمّد ! إنّ اللّه تبارك وتعالى لم يزل متفرّداً بوحدانيّته ، ثمّ خلق محمّداً
وعلياً وفاطمة فمكثوا ألف دهر ، ثمّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم
عليها وفوّض أمورها إليهم فهم يحلّون ما يشاؤون ويحرّمون ما يشاؤون ولن يشاؤوا
إلاّ أن يشاء اللّه تبارك وتعالى .
ثمّ
قال :
« يا محمّد ! هذه الديانة التي من تقدّمها مرق ، ومن تخلّف عنها محق
، ومن لزمها لحق . . خذها إليك يا محمّد »(216) .
قال العلاّمة
المجلسي رحمهالله : هذا الخبر صريح في حدوث جميع أجزاء العالم(217) .
*
وأيضاً عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام :
« إنّ اللّه تبارك وتعالى أحد واحد تفرّد في وحدانيّته ، ثمّ تكلّم
بكلمة فصارت نوراً ثمّ خلق من ذلك النور محمّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم وخلقني
وذريتي . . »(218) .
أقول : إنّ هذه
الأحاديث ونظائرها صريحة في أنّه تعالى كان أحداً متفرّداً ولم يكن معه شيء ثمّ
أبدعهم وخلق أنوارهم عليهمالسلام بعد أن لم يكونوا .
وكذلك
هنالك أخبار ورد فيها التصريح بأنّ « أوّل ما خلق اللّه نوره
صلىاللهعليهوآلهوسلم »(219) فهي تدلّ على عدم وجود
أيّ مخلوق قبله صلىاللهعليهوآلهوسلم (220) .
الثالث : لا يمكن الاستدلال بهذا الأحاديث على قدم أنوارهم عليهمالسلام ،
لأنّ مثل هذه التعابير قد وردت في غيرهم عليهمالسلام .
*
كما روى الصدوق رحمهالله بإسناده عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : قال رسول
اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« يا جابر ! . . . إنّ الأنبياء والأوصياء مخلوقون من نور عظمة
اللّه جلّ ثناؤه يُودع اللّه أنوارهم أصلاباً طيّبة وأرحاماً طاهرة . . (221)
» .
* وعن الصدوق
رحمهالله أيضاً بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبد اللّه
عليهالسلام :
« إنّ اللّه عزّوجلّ خلق المؤمنين من نور عظمته وجلال كبريائه ،(222)
فمن طعن عليهم أو ردّ عليهم قولهم فقد ردّ اللّه في عرشه وليس من اللّه في شيء
إنما هو شرك الشيطان »(223) .
* روى رحمهالله
أيضاً بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال :
« شيعتنا من نور اللّه خلقوا . . (224) » .
* وعنه كذلك
بإسناده ، عن أبي بصير ، عن الصادق عليهالسلام قال :
« . . إنا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك داخلاً عليكم ، ولأنّا
وإيّاكم من نور اللّه عزّوجلّ ، فجعلنا وطينتنا وطينتكم واحدة . . »(225)
.
قد يستشكل
البعض بما روي عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال :
« إنّ اللّه تبارك وتعالى كان ولا شيء(226) غيره ، نوراً
لا ظلام فيه ، وصادقاً لا كذب فيه وعالماً لا جهل فيه ، وحيّاً لا موت فيه . .
وكذلك هو اليوم وكذلك لا يزال أبداً »(227) .
إنّ « كان »
تامةٌ ، والجملة معطوفة عليها ، و « نوراً » مع ما بعده من المنصوبات أحوال لفاعل
كان ، وعلى هذا فمعنى قوله : « وكذلك هو اليوم » إنه اليوم كان ولا شيء غيره(228)
.
فمع
إرجاع قوله عليهالسلام : « وكذلك هو اليوم » . . إلى قوله
: « كان اللّه ولا شيء غيره » يفهم صحة تأويل قولهم
صلوات اللّه عليهم : « كان اللّه ولا شيء معه » بالمعيّة
الرتبيّة .
قلت : ويمكن الجواب عنه بوجوه :
الأوّل : قوله عليهالسلام : « نورا » خبر كان و « اللّه » اسم كان .
وقوله
: « لا شيء غيره » جملة معترضة بينهما ، وزيادة الواو حينئذ لا بأس بها .
واستفادة
المعنى الذي قاله المستشكل مخالف للضرورة وأجنبي عن السياق ويناقض القرائن
الموجودة في نفس الرواية ، والشاهد على هذا المعنى هو :
*
ما روي عن أبي عبد اللّه الصادق عليهالسلام أنّه قال :
« إنّ اللّه تبارك وتعالى لا تُقدر قدرته ، ولا يقدر العباد على صفته
، ولا يبلغون كنه علمه ولا مبلغ عظمته ، وليس شيء غيره ، وهو نور ليس فيه ظلمة ،
وصدق ليس فيه كذب ، وعدل ليس فيه جور ، وحق ليس فيه باطل ، كذلك لم يزل ولا يزال
أبد الآبدين »(229) .
* وأيضاً روي عن
أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهماالسلام أنّه قال :
« إنّ اللّه تبارك وتعالى كان لم يزل بلازمان ولا مكان وهو الآن كما
كان »(230) .
الثاني : إنّ الواو
حالية ، فجملة : « ولا شيء غيره » حالية ، وقوله : « نوراً » خبر كان ، وقوله : «
كذلك هو اليوم » يرجع إلى قوله : « نوراً لا ظلام فيه ، وصادقاً لا كذب فيه ،
وعالماً لا جهل فيه ، وحيّاً لا موت فيه » .
الثالث : ما أفاده بعض الأعلام : إنّ قوله : « كان ولا شيء غيره » جملة مستقلة
، وقوله : « نوراً . . . » جملة مستقلة أُخرى بتقدير كان . . أي كان اللّه نوراً
لا ظلام فيه . . وكذلك اليوم .
اقول : إنّ هذه الروايات وإن سلّمنا بظهور مضامينها على مراد الخصم إلاّ أنه
لا سبيل لنا سوى توجيهها وتأويلها ، لأنّها تعارض الآيات والروايات المتواترة ،
واتفاق المليّين على حدوث العالم ؛ بمعنى كونه بعد أن لم يكن ببعدية حقيقية لا
الحدوث الذاتي كما ذهبت إليه الفلاسفة ، ولا الثابت بالحركة الجوهرية ، ولا الحدوث
الدهري ، ولا الحدوث الاسمي .
وعلى
هذا لابدّ من توجيه ما يخالف المحكمات والنصوص القطعيّة واتّفاق جميع اهل الشرائع
والأديان ، أو طرحه مع عدم تمكّن توجيهه كما هو واضح مسلم عند الكل (231).
يا إخواني : هل يجترىء من يتّقي ربّه ومن لاح قلبه نور الإيمان أن يعرض عن جميع
هذه الآيات والأحاديث المتواترة والصّريحة وينبذها وراء ظهره تقليداً للفلاسفة
واتكالاً على شبهاتهم الفاسدة ومذاهبهم المنحرفة ؟ !
الهامش:
(90) البقرة ( 2 ) : 29 .
(91) الأعراف ( 7 ) : 54 .
(92) هود ( 11 ) : 7 .
(93) الفرقان ( 25 ) : 59 .
(94) مريم ( 19 ) : 67 .
(95) الزمر ( 39 ) : 62 .
(96) يونس ( 10 ) : 4 .
(97) يونس ( 10 ) : 34 .
(98) العنكبوت ( 29 ) : 19 .
(99) البقرة ( 2 ) : 117 .
(100) الأنعام( 7 ) : 101 .
(101) الملك( 67 ) : 23 .
(102) الانعام( 6 ) : 141 .
(103) نعم قد يستفاد من الآيات : أنّ بعض هذه الكلمات يستعمل في
معنيين أحدهما : الخلق الابتدائي بمعنى الإيجاد بعد العدم ، ثانيهما : الخلق من
شيء ـ أي في صنع شيء من شيء ـ ولكن المتبادر الى الذهن هو المعنى الأوّل ، وامّا
المعنى الثاني فيحتاج الى القرينة .
(104) بحار الأنوار 54/ 254 .
(105) اقرب الموارد 1/ 32 .
(106) مجمع البحرين 1/44 .
(107) لسان العرب 1/26 .
(108) لسان العرب 10/85 .
(109) النهاية لابن الأثير 2/70 .
(110) اقرب الموارد 1/296 .
(111) الأنعام ( 6 ) : 141 .
(112) لسان العرب 1/170 .
(113) مجمع البحرين 1/416 .
(114) اقرب الموارد 2/1298 .
(115) الأنعام ( 6 ) : 141 .
(116) مجمع البيان 4/375 .
(117) أقرب الموارد 1/33 .
(118) الأحقاف ( 46 ) : 9 .
(119) لسان العرب : 8/6 ـ 7 .
(120) مجمع البحرين 4/298 .
(121) الأحقاف ( 46 ) : 9 .
(122) كتاب العين 2/54 .
(123) فإن قلت : لا دليل على حجيّة قول اللغوى .
قلت : نعم لا دليل
على حجيّته في حدّ نفسه ، أمّا إذا حصل العلم أو الوثوق من قولهم ، او يدخل تحت
عنوان خبر الواحد ، او . . فيكون حجة ، كما أشار إليه الشيخ الأعظم الأنصاري
رحمهالله في الفرائد والمحقّقان النائيني رحمهالله والعراقي قدسسره في الفوائد
وهامشه . والمفروض حصول الوثوق والاطمينان من قولهم في المقام .
(124) بحار الأنوار 4/263 حديث 11 و 54/161 ، التوحيد : 98 باب أنه
عزّوجلّ ليس بجسم ولا صورة حديث 5 .
(125) الاحتجاج : 337 ـ 338 ، بحار الأنوار 10/166 حديث 2 ، و 54/77
حديث 53 .
(126) بحار الأنوار 10/189 ، و 54/78 .
(127) نهج البلاغة : 232 خطبة 163 ، بحار الأنوار 4/306 ، حديث 35 ،
54/27 حديث 3 ، 74/308 ، حديث 11 ، وانظر : التوحيد : 79 ،.
(128) علل الشرايع : 607 ، حديث 81 ، بحار الأنوار 5/230 ، حديث 6 ،
و 54/76 ، حديث 51 .
(129) التوحيد : 193 ، حديث 7 ، الكافي 1/116 ، حديث 7 ، بحار
الأنوار 4/153 ، حديث 1 ، 54/83 ، حديث 62 .
(130) مرآة العقول 2/42 .
(131) الصافات ( 37 ) : 180 .
(132) التوحيد : 67 حديث 20 ، الكافي 8/94 حديث 67 ، بحار الانوار
54/67 حديث 43 ، و54/96 حديث 81 .
(133) بحار الأنوار 54/68 .
(134) الصافات ( 37 ) : 180 .
(135) الكافي 8/94 حديث 67 ، بحار الأنوار 54/96 حديث 81 .
(136) بحار الأنوار 54/97 .
(137) نهج البلاغة : 273 ، 274 ، خطبة 186 ، الاحتجاج : 203 ، اعلام
الدين : 59 ، 60 ، بحار الأنوار 4/254 حديث 8 ، و 54/30 ، حديث 6 ، و 74/313 حديث
14 .
(138) بحار الأنوار 54/33 .
(139) بحار الأنوار 4/259 .
(140) بحار الأنوار 54/34 .
(141) التوحيد : 186 حديث 2 ، الكافي 1/120 حديث 2 ، عيون الأخبار
1/145 حديث 50 ، بحار الانوار 4/176 حديث 5 ، و 54/74 حديث 49 .
(142) مرآة العقول 2/55 .
(143) بحار الأنوار 54/74 .
(144) الاحتجاج : 405 ، بحار الأنوار 10/344 حديث 5 و 54/36 حديث 8 .
(145) بحار الأنوار 54/36 .
(146) التوحيد : 34 ـ 41 حديث 2 ، الاحتجاج : 399 ـ 400 ، عيون
الأخبار 1/152 ، 153 ، الامالي للمفيد : 354 حديث 4 ، الامالي للطوسي : 22 حديث 28
، اعلام الدين : 69 ، بحار الانوار 4/228 ـ 230 حديث 3 .
(147) بحار الأنوار 54/45 .
(148) التوحيد : 445 ـ 451 ، عيون الأخبار 1/183 ـ 186 ، بحار
الأنوار 10/331 ـ 334 ، و54/57 .
(149) بحار الأنوار 54/58 .
(150) التوحيد : 430 ـ 435 ، عيون الأخبار 1/169 ـ 172 ، بحار
الأنوار 10/310 ـ 313 ، و 54/48 ـ 50 .
(151) بحار الأنوار 54/52 ـ 53 .
(152) التوحيد : 67 ، حديث 20 ، بحار الأنوار 15/27 ، و 25/3 ، و
54/67 ، 198 .
(153) الاحتجاج : 25 ، تفسير الإمام عليهالسلام : 535 ، بحار
الأنوار 9/261 و 54/68 .
(154) الكافي 1/134 ـ 135 حديث 1 ، التوحيد : 41 ـ 42 حديث 3 ، بحار
الأنوار 4/269 ـ 270 حديث 15 ، و 54/164 حديث 103 .
(155) المؤمنون ( 23 ) : 12 .
(156) التوحيد : 338 حديث 5 ، وقريب منه : بحار الأنوار 4/145 حديث
18 ، و 54/37 حديث 12 ، المستدرك : 18/182 حديث 30 .
(157) بحار الأنوار 54/37 ـ 38 .
(158) الكافي 1/109 حديث 1 ، التوحيد : 146 حديث 15 ، بحار الأنوار
4/144 حديث 16 و 54/38 ، 163 .
(159) المحاضرات 2/39 .
(160) كما في صحيحة عاصم بن حميد عن أبي عبد اللّه عليهالسلام :
قال قلت له : لم يزل اللّه مريداً ؟ قال : « إنّ المريد لا يكون إلاّ لمراد معه
لم يزل اللّه عالماً قادراً ثمّ أراد » . ( التوحيد : 146 حديث 15 ) .
وفي صحيحة محمّد بن
مسلم عن أبي عبد اللّه عليهالسلام : « المشية محدثة » . ( التوحيد : 147 حديث 18
) وغيرهما من الأخبار ( فراجع التوحيد : 146 ، والكافي باب الإرادة . . وباب
المشية والإرادة )
(161) كما في صحيحة عمر بن أُذينة عن أبي عبد اللّه عليهالسلام :
قال : « خلق اللّه المشية بنفسها ثمّ خلق الأشياء بالمشية » . ( التوحيد : 148
حديث 19 )
وعن الصادق
عليهالسلام : « لما صعد موسى عليهالسلام إلى الطور فنادى ربّه عزّوجلّ قال : يا
رب أرني خزائنك ، فقال : يا موسى ! إنّما خزائني إذا أردتُ شيئاً أن أقول له : كن
، فيكون » . ( التوحيد : 133 حديث 17 )
وعن أبي جعفر
عليهالسلام « أنشأ ما شاء كيف شاء بمشيته » ( التوحيد : 174 )
وعن موسى بن جعفر
عليهماالسلام « . . كل شي سواه مخلوق ، وانما تكوّن الأشياء بإرادته ومشيّته من
غير كلام وتردّد في نفس ولا نطق بلسان . . » . ( الكافي 1/106 حديث 7 ، التوحيد :
100 حديث 8 ، الاحتجاج : 385 ، بحار الأنوار 3/295 حديث 19 ) .
والأخبار بهذا
المضمون كثيرة جداً ، فراجع .
(162) التوحيد : 140 حديث 3 ، عيون الأخبار 1/119 حديث 10 ، الأمالي
للصدوق رحمهالله : 278 حديث 5 ، الاحتجاج : 410 ، روضة الواعظين : 37 ، متشابه
القرآن 1/56 ، بحار الأنوار 4/62 حديث 1 و 54/47 حديث 26 .
(163) التوحيد : 75 حديث 29 ، بحار الأنوار 3/300 حديث 31 و 54/81
حديث 56 .
(164) نهج البلاغة : 122 ـ 123 خطبة 90 ، بحار الأنوار 4/310 حديث 38
و 54/25 حديث 1 و 74/307 حديث 10 .
(165) بحار الأنوار 54/26 .
(166) بصائر الدرجات : 113 حديث 1 ، بحار الأنوار 26/165 حديث 20 و
54/85 حديث 68 ، والآيةالشريفة في سورة هود ( 11 ) : 7 .
(167) الكافي 1/142 حديث 7 ، بحار الأنوار 54/167 حديث 107 .
(168) الإحتجاج : 199 ـ 200 ، نهج البلاغة : 40 خطبة 1 ، بحار
الأنوار 4/247 ـ 248 حديث 5 و 54/176 ـ 177 حديث 136 و 74/302 حديث 7 .
(169) التوحيد : 45 ـ 46 حديث 5 ، بحار الأنوار 4/289 حديث 20 .
(170) الصحيفة السجادية : 211 ، الإقبال : 351 .
(171) الإقبال : 403 ، بحار الأنوار 54/174 حديث 127 و 95/273 .
(172) الكافي 1/105 حديث 3 ، التوحيد : 98 حديث 5 ، علل الشرايع : 9
، بحار الأنوار 4/263 حديث 11 و 54/161 حديث 95 .
(173) التوحيد : 56 حديث 14 ، بحار الأنوار 4/284 حديث 17 و 54/166 .
(174) التوحيد : 76 حديث 32 ، روضة الواعظين : 35 ، بحار الأنوار
4/296 حديث 23 و 54/80 حديث 54 .
(175) الاحتجاج : 449 ، بحار الأنوار 4/160 حديث 4 و 54/83 حديث 64 .
(176) التوحيد : 141 حديث 5 ، الكافي 8/94 حديث 67 ، بحار الأنوار
4/69 حديث 13 و 54/82 حديث 60 ، وص 96 حديث 81 .
(177) التوحيد 60 حديث 17 ، بحار الأنوار 3/298 حديث 26 ، و 54/45
حديث 19 .
(178) التوحيد : 145 حديث 12 ، بحار الأنوار 4/86 حديث 23 و 54/162
حديث 97 .
(179) التوحيد : 47 حديث 11 ، المقنعة : 320 ، الإقبال : 188 ، البلد
الأمين : 226 ، المصباح للكفعمي : 623 ، بحار الأنوار 3/285 حديث 5 و 91/179 حديث
2 .
(180) التوحبد : 69 حديث 26 ، البلد الأمين : 92 ، بحار الأنوار
4/221 حديث 2 و 54/46 حديث 21 و 87/138 حديث 7 .
(181) بحار الأنوار 4/223 .
(182) مهج الدعوات : 124 ، البلد الأمين : 280 ، المصباح للكفعمى :
287 ، بحار الأنوار 54/37 حديث 9 و 83/332 .
(183) مهج الدعوات : 107 ، 116 ، 129 ، البلد الأمين : 345 ، بحار
الأنوار 54/37 حديث 10 و 92/243 ، 249 ، 262 .
(184) مهج الدعوات : 85 ، البلد الأمين : 426 ، بحار الأنوار 54/37
حديث 11 و 93/370 .
(185) الكافي 1/90 حديث 7 ، بحار الأنوار 54/160 حديث 94 .
(186) التوحيد : 60 حديث 17 ، بحار الأنوار 3/298 حديث 26 و 54/38
حديث 14 وص45 حديث 19 .
(187) التوحيد : 44 ، بحار الأنوار 4/287 حديث 19 و 43/363 حديث6 و
54/45 حديث 18 .
(188) نهج البلاغة : 40 خطبة 1 ، الإحتجاج : 200 ، بحار الأنوار
4/247 حديث 5 و 54/177 حديث 136 و 74/302 حديث 7 .
(189) الرحمن ( 55 ) : 14 .
(190) بحار الأنوار 54/179 .
(191) الكافي 1/107 حديث 2 ، وقريب منه : التوحيد : 145 حديث 12 ،
بحار الأنوار 4/86 حديث 23 و 54/162 حديث 97 .
(192) الكافي 1/108 حديث 6 ، التوحيد : 145 حديث 11 ، بحار الأنوار
4/87 حديث 24 و 54/163 حديث 100 .
(193) الكافي 1/108 حديث 5 ، بحار الأنوار 54/162 حديث 99 .
(194) بحار الأنوار 54/162 .
(195) نهج البلاغة : 217 خطبة 155 ، بحار الأنوار 4/317 حديث 42 و
61/323 حديث 2 .
(196) مهج الدعوات : 308 ، بحار الأنوار 92/172 .
(197) بحار الأنوار 94/142 .
(198) بحار الأنوار 4/275 حديث 16 و 54/107 حديث 90 و 74/319 حديث 17
.
(199) نهج البلاغة : 40 خطبة 1 ، الإحتجاج : 200 ، بحار الأنوار
4/248 حديث 5 و 54/177 حديث 136 و 74/302 حديث 7 .
(200) نهج البلاغة : 274 خطبة 186 ، الإحتجاج : 203 ، أعلام الدين :
60 ، بحار الأنوار 4/255 حديث 8 و 54/30 حديث 6 .
(201) نهج البلاغة : 269 خطبة 185 ، الإحتجاج : 204 ، أعلام الدين :
67 ، بحار الأنوار 4/261 حديث 9 و 54/29 حديث 5 .
(202) بحار الأنوار 91/158 .
(203) بحار الأنوار 54/254 .
(204) المصباح للكفعمي : 647 الفصل السادس والأربعون فيما يعمل في
شهر شوال .
(205) مصباح المتّجد : 585 ، مصباح الكفعمي : 295 ، 591 ، البلد
الأمين : 206 ، 361 ، 420 ، الإقبال : 69 ، 425 ، 435 ، بحار الأنوار 83/335 حديث
72 و 88/49 ، 71 ، و 90/265 و 94/227 ، و 95/297 . .
(206) البلد الأمين : 405 ، مصباح الكفعمي : 251 ، بحار الأنوار 91/388
.
(207) الكافي 1/389 حديث 2 ، الاختصاص : 216 ، بحار الأنوار 26/131
حديث 39 ، 47/395 حديث 120 ، 58/45 حديث 22 .
(208) كمال الدين : 318 حديث 1 ، بحار الأنوار 15/23 حديث 39 و 25/15
حديث 28 .
(209) الكافي 1/134 حديث 4 ، التوحيد : 103 حديث 18 ، الاحتجاج : 323
، بحار الأنوار 4/13 حديث 14 .
(210) الحجر ( 15 ) : 29 .
(211) التوحيد : 170 حديث 1 ، معاني الأخبار : 17 حديث 11 ، بحار
الأنوار 4/11 حديث 2 .
(212) الحجر ( 15 ) : 29 .
(213) الكافي 1/133 حديث 3 ، التوحيد : 171 حديث 3 ، معاني الأخبار :
17 حديث 12 ، الاحتجاج : 323 ، بحار الأنوار 4/12 حديث 3 و 58/28 حديث 1 و 71/266
.وفي المقام روايات أُخرى فراجع بحار الأنوار 4/11 ـ 13 .
(214) بحار الأنوار 15/23 حديث 41 و 25/17 حديث 31 و 54/169 حديث 112
.
(215) بحار الأنوار 15/27 ـ 28 و 54/198 حديث 145 ، الأنوار : 5 .
(216) الكافي 1/441 حديث 5 ، بحار الأنوار 15/19 حديث 29 و 25/340
حديث 24 ، 54/195 حديث 141 .
(217) بحار الأنوار 54/12 .
(218) بحار الأنوار 15/9 حديث 10 و 26/291 حديث 51 و 53/46 حديث 20 و
54/192 حديث 138 .
(219) بحار الأنوار 1/97 حديث 7 و 15/24 حديث 43 ، 44 و ص27 ـ 28 و
25/22 حديث 38 و ص24 حديث 43 و 54/170 حديث 115 ، 116 ، 117 ، عوالي اللئالي 4/99
.
(220) وأيضا الأخبار الدالة على أنّ أوّل الموجودات ارواحهم
عليهمالسلام كثيرة ، ويمكن الاستدلال بها على حدوث ما سوى اللّه ؛ بانضمام
الأخبار الدالة على أنّ الفاصلة بين خلق الارواح والاجساد بزمان متناه ، إذ الزائد
على المتناهي بزمان متناه يكون لا محالة متناهيا ، كما لا يخفى . ويجري هذا البيان
بعينه في الأخبار الدالة على أنّ أوّل الموجودات انوارهم عليهمالسلام . ومما يمكن
الاستدلال به في المقام : الآيات والروايات الدالة على فناء جميع الموجودات ، وذلك
بضمّ مقدّمة مسلّمة عند القائلين بالقدم ، وهى : أنّ ما ثبت قدمه ، امتنع عدمه ،
فتأمّل . انظر : نهج البلاغة : 272 ، الاحتجاج : 350 ، بحار الانوار 6/330 ، 331 ،
حديث 15 ، حق اليقين : 419 .
(221) من لا يحضره الفقيه 4/414 حديث 5901 ، بحار الأنوار 57/353
حديث 36 .
(222) في ثواب الأعمال المطبوع : كرامته .
(223) ثواب الأعمال : 239 ، بحار الأنوار 72/145 حديث 13 ، وسائل
الشيعة 12/300 حديث 16355 ، وقريب منه : المحاسن 1/100 حديث 70 ، و ص131 حديث 3 ،
أعلام الدين : 403 ، وبحار الأنوار 64/125 حديث 26 و 72/146 حديث 17 .
(224) علل الشرايع 1/94 ، بحار الأنوار 5/243 حديث 29 و 8/37 حديث 11
و 58/146 حديث 22 و 64/76 و 71/266 ـ 267 .
(225) علل الشرايع 1/93 حديث 2 ، المناقب 4/261 ، بحار الأنوار 5/242
حديث 29 و 58/145 حديث 22 و 71/267 .
(226) في المحاسن : وليس شىء .
(227) المحاسن 1/242 حديث 228 ، التوحيد : 141 حديث 5 ، بحار الأنوار
4/69 حديث 13 و 54/86 حديث 70 .
(228) تعليقة التوحيد : 141 .
(229) التوحيد : 128 حديث 8 ، بحار الأنوار 3/306 حديث 44 .
(230) التوحيد : 179 حديث 12 ، بحار الأنوار 3/327 حديث 27 .
(231) وقد أفاد الشيخ الأعظم الأنصاري رحمهالله في هذا المقام ـ
ونعم ما افاده ـ كلّما حصل القطع من دليل نقلى ، مثل القطع الحاصل من إجماع جميع
الشرائع على حدوث العالم زمانا ، فلا يجوز أن يحصل القطع على خلافه من دليل عقلي ،
مثل استحالة تخلّف الأثر عن الموءثر . ولو حصل منه صورة برهان كانت شبهة في مقابل
البديهى . . ( فرائد الأصول : 11 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق